وذكر الواحدي في أسباب النزول: أن الآيات نزلت في أبي سفيان وعكرمة بن أبي جهل وأبي الأعور السّلمي قدموا المدينة بعد قتال أحد، فنزلوا على عبد الله بن أبيّ (زعيم المنافقين) وقد أعطاهم النبي صلّى الله عليه وسلّم الأمان على أن يكلموه، فقام معهم عبد الله بن سعد بن أبي سرح وطعمة بن أبيرق، فقالوا للنبي صلّى الله عليه وسلّم، وعنده عمر بن الخطاب: ارفض ذكر آلهتنا اللات والعزّى ومناة، وقل: إن لها شفاعة ومنفعة لمن عبدها وندعك وربّك، فشقّ على النبي صلّى الله عليه وسلّم قولهم، فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ائذن لنا يا رسول الله في قتلهم، فقال: «إني قد أعطيتهم الأمان» فقال عمر: اخرجوا في لعنة الله وغضبه، فأمر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن يخرجهم من المدينة، فأنزل الله عز وجل هذه الآية.
يا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ، إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً أي يا أيها الرسول محمد، داوم على تقوى الله وخف عقابه بإطاعة أوامره واجتناب محارمه، ولا تسمع من الكافرين والمنافقين ولا تستشرهم في شيء، واحترس منهم، ولا تستجب لمطالبهم بتخصيص بعض المجالس والأوقات لهم وطرد الضعفاء، إن الله عليم بعواقب الأمور، حكيم في أقواله وأفعاله، فهو أحق أن تتبع أوامره وتطيعه، فإن أولئك الكفار أعداؤك الذين يريدون هلاكك.
وقوله: وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ نهي مؤكد لمضمون الأمر السابق، أي اتق الله تقوى تمنعك من طاعتهم.
روي أنه لما قدم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم المدينة، تابعه ناس من اليهود نفاقا، وكان يلين لهم جانبه، ويظهرون له النصح خداعا فحذره الله منهم، ونبهه إلى عداوتهم.
وقال طلق بن حبيب: التقوى: أن تعمل بطاعة الله على نور من الله،