عقد الصلة بين الرسالتين إنزال التوراة على موسى عليه السلام وموقف اليهود منها
[سورة السجده (32) : الآيات 23 الى 25]
وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقائِهِ وَجَعَلْناهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائِيلَ (23) وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا وَكانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ (24) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (25)
مِنْ لِقائِهِ الهاء عائدة إلى الكتاب، فيكون المصدر مضافا إلى المفعول، والفاعل مقدر، وتقديره: من لقاء موسى الكتاب، ويصح أن تكون عائدة إلى موسى، فيكون المصدر مضافا إلى الفاعل، والمفعول به محذوف وهو الْكِتابَ وتقديره: فلا تكن في مرية من لقاء موسى الكتاب، وهو التوراة، ويصح أن تكون عائدة إلى «ما لاقى موسى» وتقديره: فلا تكن في مرية من لقاء ما لاقى موسى من التكذيب والإنكار من قومه.
لَمَّا صَبَرُوا لَمَّا ظرف زمان بمعنى «حين» في موضع نصب، والعامل فيه يَهْدُونَ ومن قرأ بالتخفيف وكسر اللام، كانت لَمَّا مصدرية، وتقديره: لصبرهم.
إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ هو هنا: ضمير فصل لأن يَفْصِلُ فعل مضارع، ولو كان فعلا ماضيا لم يجز، فإنهم يجيزون: زيد هو يقوم، قال تعالى: وَمَكْرُ أُولئِكَ هُوَ يَبُورُ [فاطر 35/ 10] وقال سبحانه: أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ [التوبة 9/ 104] ولا يجيزون: زيد هو قام. وإنما جاز لأن الفعل المضارع أشبه الأسماء شبها أوجب له الإعراب، بخلاف الفعل الماضي.
وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ التوراة، كما آتيناك. فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقائِهِ لا تكن يا محمد في شك من لقائك الكتاب، كما قال تعالى: وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ [النمل 27/ 6]