كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها أُعِيدُوا فِيها أي كلما عزموا على الخروج منها من شدة العذاب والأهوال، أعيدوا فيها، ودحروا إليها، أي أنهم مخلّدون فيها، كما قال تعالى: كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها مِنْ غَمٍّ، أُعِيدُوا فِيها [الحج 22/ 22] .

قال الفضيل بن عياض: والله إن الأيدي لموثقة، وإن الأرجل لمقيدة، وإن اللهب ليرفعهم، والملائكة تقمعهم.

ويقال لهم تقريعا وتوبيخا وتهديدا:

وَقِيلَ لَهُمْ: ذُوقُوا عَذابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ أي تذوقوا وتحملوا عذاب النار الذي كذبتم به في الدنيا فإن الله أعدّه للمشركين به.

وهناك عذاب آخر سابق له:

وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ، لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ أي ولنذيقن الكفار والعصاة شيئا من العذاب الأقرب والأقل وهو عذاب الدنيا من المصائب والآفات كالجوع والقتل والسبي، قبل مجيء وحدوث العذاب الأشد الأعظم وهو عذاب القيامة، ليرجعوا عن ضلالهم إلى الهدى والرشد، ويثوبوا عن الكفر، ويؤمنوا بربهم، ويصدقوا برسولهم.

والترجي في قوله لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ محال على الله تعالى، فيراد به تعليل ذلك الفعل بأمر الرجوع، كما يقال: فلان اتجر ليربح، أو يكون معناه:

لنذيقنهم إذاقة الراجين، أو إذاقة يقول القائل: لعلهم يرجعون بسببه.

ثم ذكر الله تعالى سببا عاما للعقاب وهو ظلم الناس، فقال:

وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ، ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْها، إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ أي لا أحد أظلم ممن ذكّره الله بآياته القرآنية ومعجزات رسله، وبيّنها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015