ويفسقوا التقيّ، وأن يفرطوا في القول بما لم يفعله المرء، رغبة في تسلية النفس وتحسين القول، كالمكثر من اللغط والهذر والغيبة وقبيح القول. وهذا المعنى هو الذي أشار إليه البخاري في صحيحة بعنوان (باب ما يكره أن يكون الغالب على الإنسان الشعر) .
لكن قد يكون الشعر حراما كما بينا في أغراضه وفي أمثلة الشعر المذموم، وقد يكون كفرا كهجو النبي صلّى الله عليه وسلم، سواء كان قليلا أو كثيرا. وأما هجو غير النبي صلّى الله عليه وسلم من المسلمين فهو محرم قليله وكثيره.
قال ابن العربي: أما الاستعارات والتشبيهات فمأذون فيها، وإن استغرقت الحدّ، وتجاوزت المعتاد. ثم قال: وبالجملة، فلا ينبغي أن يكون الغالب على العبد الشعر حتى يستغرق قوله وزمانه، فذلك مذموم شرعا (?) .
وقد أنهى الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه مشكلة تكسب الشعراء بشعرهم، فلم يعطهم العطايا المعتادة، وكشف حقائقهم، وساسهم بمنطق الشرع وعدله، فأعطى الفرزدق أربعة آلاف درهم، لئلا يعرض لأحد من أهل المدينة بمدح ولا هجاء، ومنح الأحوص أحد شعراء المدينة مائة دينار، على أن يكف عن هجاء أبي بكر بن عبد العزيز بن مروان، وعاقب الشاعر جرير بالرغم من مدحه، مع عمرو بن لجأ التيمي، لما تهاجيا وتقاذفا، وغضب على شاعر الخلاعة والعزل والتشبيب بالنساء عمر بن أبي ربيعة، ونفاه إلى دهلك، لكثرة تعرضه لنساء الأشراف وبناتهم (?) .