توجيها وخطابا لغيره من الناس لأن من شأن الحكيم إذا أراد أن يؤكد خطاب الغير أن يوجهه إلى الرؤساء في الظاهر، وإن كان المقصود بذلك هم الأتباع.
والخلاصة: أنه بدأ بالرسول صلّى الله عليه وسلم فتوعده إن دعا مع الله إلها آخر، ثم أمره بدعوة الأقرب فالأقرب، فقال:
2- وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ أي خوف أقاربك في العشيرة بأس الله وعذابه لمن أشرك به سواه.
وهذا جزء من مهمته بإنذار البشر كافة من عذاب الله، كما قال تعالى:
وَهذا كِتابٌ أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ، مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ، وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها [الأنعام 6/ 92] ، وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها، وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لا رَيْبَ فِيهِ [الشورى 42/ 7] ، تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً [الفرقان 25/ 1] .
ويأتي التبشير عادة مع الإنذار، كما ذكر في آيات كثيرة، منها: فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ، وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدًّا [مريم 19/ 97] ، ومنها:
يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً. وَداعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ، وَسِراجاً مُنِيراً [الأحزاب 33/ 45- 46] .
وروى مسلم عن النبي صلّى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده، لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني، ثم لا يؤمن بي إلا دخل النار» .
ثم أمره ربه بالرفق بالمؤمنين، فقال:
3- وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أي ألن جانبك وارفق بأتباعك الذين آمنوا بك وصدقوك، فذلك أطيب لقلوبهم.
فَإِنْ عَصَوْكَ، فَقُلْ: إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ أي فإن عصاك أحد ممن