والغلبة، وإنذارا للمشركين من تكذيبه، حتى لا يهلكوا كما أهلك المكذبون السابقون، أردفه ببيان ما يدل على نبوته صلّى الله عليه وسلم من تنزيل القرآن المعجز على قلب نبيه صلّى الله عليه وسلم. كذلك لتتناسب خاتمة السورة مع فاتحتها التي افتتحت بالحديث عن إعراض المشركين عما يأتيهم من الذّكر: وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمنِ مُحْدَثٍ إِلَّا كانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ، فَقَدْ كَذَّبُوا فَسَيَأْتِيهِمْ أَنْبؤُا ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ [5- 6] .
يخبر الله تعالى عن خواص الكتاب الذي أنزله على رسوله محمد صلّى الله عليه وسلم بأنه وحي من عند الله، بلسان عربي، وللدلالة على نبوته صلّى الله عليه وسلم، وذلك من وجهين:
وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ. نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ. عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ. بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ أي إن القرآن الذي تقدم ذكره في أول السورة:
وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمنِ مُحْدَثٍ هو كلام الله المنزل على نبيه محمد صلّى الله عليه وسلم لأنه لفصاحته كان معجزا، فكان تنزيله من ربّ العالمين، كما أن فيه إخبارا عن القصص الماضية من غير تعليم، وذلك لا يكون إلا بوحي من الله تعالى. نزل به جبريل الأمين على الوحي والرسالة، ذو المكانة عند الله، المطاع في الملأ الأعلى، على قلبك أي على روحك المدركة الواعية، وفهمك إياه، سالما من الدنس والزيادة والنقص، لتنذر به قومك والعالم كله بأس الله ونقمته على من خالفه وكذبه، وتبشر به المؤمنين المتبعين له بالجنة والنعيم المقيم في الآخرة، وكان إنزاله باللسان العربي الفصيح الكامل الشامل، ليكون بيّنا واضحا قاطعا للعذر، مقيما للحجة، دليلا على الحق، هاديا إلى الرشاد، مصلحا أحوال العباد.