وهذا تعميم لقبول التوبة عن جميع المعاصي، بعد تخصيص قبولها ممن تاب عن كبائر المعاصي السابقة التي هي الشرك والقتل العمد والزنى.
وللآية نظائر كثيرة، مثل قوله تعالى: أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ [التوبة 9/ 104] وقوله سبحانه: قُلْ: يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً، إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الزمر 39/ 53] .
7- البعد عن شهادة الزور أو تجنب الكذب: وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ، وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً أي الذين لا يشهدون شهادة الزور وهي الكذب متعمدا على غيره، أو لا يحضرون مواضع الكذب، قال ابن كثير:
والأظهر من السياق أن المراد لا يحضرون الزور، ولهذا قال تعالى: وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً أي لا يحضرون الزور، وإذا اتفق مرورهم به مرّوا، ولم يتدنسوا منه بشيء. ونظير الآية: وَإِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ، وَقالُوا: لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ، سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجاهِلِينَ [القصص 28/ 55] .
والواقع أن الآية تدل على أمرين: تحريم شهادة الزور وتجنب مجالس اللغو أو العفو عن المسيء، ويستدل بها الفقهاء على الأمر الأول، كما
ورد في الصحيحين عن أبي بكرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟» ثلاثا، قلنا: بلى، يا رسول الله، قال: «الشرك بالله، وعقوق الوالدين» وكان متكئا فجلس فقال: «ألا وقول الزور، ألا وشهادة الزور»
فما يزال يكررها حتى قلنا: ليته سكت. وكان عمر بن الخطاب يجلد شاهد الزور أربعين جلدة، ويسخّم وجهه (يطليه بالسواد) ويحلق رأسه، ويطوّف به السوق.
8- قبول المواعظ: وَالَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْها صُمًّا وَعُمْياناً أي والذين إذا ذكّروا بالآيات، أكبّوا عليها حرصا على استماعها،