سبيل الدعوة، وما صبرك إلا بعون الله وحسن توفيقه ومشيئته، أي لما كان الصبر شاقا، ذكر ما يعين عليه، فالجأ إلى الله في طلب الصبر، والتثبيت في الأمر.
وقوله: وَاصْبِرْ.. تأكيد للأمر بالصبر، وإخبار بأن ذلك لا ينال إلا بمشيئة الله وإعانته. وهو تسلية للنبي صلّى الله عليه وسلّم عما ناله من أذى قومه، وتثبيت له.
وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ أي ولا تجزع على إعراض المشركين وكل من خالفك، فإن الله قدّر ذلك، أو لا تحزن على قتلى أحد، فترك الحزن مما يستعان به على الصبر.
وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ أي لا تكن في غم وضيق صدر من مكرهم وتدبيرهم الكيد لك، وإجهاد أنفسهم في عداوتك، وإيصال الشر إليك، فإن الله كافيك وناصرك ومؤيدك، كما قال تعالى: فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ، لِتُنْذِرَ بِهِ [الأعراف 7/ 2] وقال: فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ، وَضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ، أَنْ يَقُولُوا: أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ، أَوْ جاءَ مَعَهُ مَلَكٌ، إِنَّما أَنْتَ نَذِيرٌ، وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ [هود 11/ 12] .
إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا.. أي إن الله مع المتقين الذين تركوا محارمه، المجتنبين معاصيه بالنصر والمعونة والتأييد، ومع المحسنين أعمالهم برعاية الفرائض، والتزام الطاعة، وأداء الحقوق. والصبر: من التقوى والإحسان.
فقوله: الَّذِينَ اتَّقَوْا أي تركوا محارمه، وقوله: وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ أي فعلوا الطاعات.
وهذه معيّة خاصة، يراد بها الإعانة والتأييد والهداية، كقوله تعالى: إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ، فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا [الأنفال 8/ 12] وقوله لموسى وهرون: لا تَخافا، إِنَّنِي مَعَكُما أَسْمَعُ وَأَرى
[طه 20/ 46] وقول النبي صلّى الله عليه وسلّم للصديق، وهما في الغار: لا تَحْزَنْ، إِنَّ اللَّهَ مَعَنا [التوبة 9/ 40] .