تصريح بالأمر به لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم لأنه أولى الناس به، لزيادة علمه بالله، ووثوقه عليه وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ على الكافرين إن لم يؤمنوا، لحرصك على إيمانهم، أو على المؤمنين وما فعل بهم يوم أحد وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ لا تك في ضيق صدر من مكرهم، أي لا تهتم بمكرهم، فأنا ناصرك عليهم مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا الكفر والمعاصي وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ في أعمالهم من طاعة وصبر، بالعون والنصر، والولاية والفضل.
وَإِنْ عاقَبْتُمْ:
أخرج الحاكم والبيهقي في الدلائل والبزار عن أبي هريرة أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وقف على حمزة، حين استشهد، وقد مثّل به فقال: لأمثّلنّ بسبعين منهم مكانك، فنزل جبريل، والنبي صلّى الله عليه وسلّم واقف، بخواتيم سورة النحل:
وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ إلى آخر السورة، فكفّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وأمسك عما أراد.
وأخرج الترمذي وحسنه والحاكم عن أبي بن كعب قال: لما كان أحد أصيب من الأنصار أربعة وستون، ومن المهاجرين ستة، ومنهم حمزة، فمثلوا بهم، فقالت الأنصار: لئن أصبنا منهم يوما مثل هذا لنربينّ عليهم، فما كان فتح مكة، أنزل الله: وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ الآية. قال السيوطي: وظاهر هذا تأخير نزولها- أي السورة- إلى الفتح، وفي الحديث الذي قبله نزولها بأحد، وجمع ابن الحصار بأنها نزلت أولا بمكة، ثم ثانيا بأحد، وثالثا يوم الفتح، تذكيرا من الله لعباده.
والخلاصة: إن هذه الآية مدنية في رأي جمهور المفسرين، نزلت في شأن التمثيل بحمزة في يوم أحد، ووقع ذلك في صحيح البخاري وفي كتاب السّير.