رسالة الله إليهم، وما أوحيناه إليك، وقد كذّب الرسل من قبلك، فلك بهم أسوة، وكما أوقعنا بأسنا ونقمتنا بأولئك، فليحذر هؤلاء من حلول النقم بهم، قال تعالى: تَاللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ [النحل 16/ 63] وقال سبحانه: وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ، فَصَبَرُوا عَلى ما كُذِّبُوا وَأُوذُوا، حَتَّى أَتاهُمْ نَصْرُنا، وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِ اللَّهِ، وَلَقَدْ جاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ [الأنعام 6/ 34] .
والخلاصة: إننا أرسلناك بكتاب تبلّغه للناس وتقرؤه عليهم، كما أرسلنا رسلا إلى أمم من قبلك، ولما كذّب الرسل، انظر كيف نصرناهم وجعلنا العاقبة لهم ولأتباعهم في الدنيا والآخرة.
وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمنِ أي والحال أن هذه الأمة التي بعثناك فيهم يكفرون بالرحمن الذي وسعت رحمته كل شيء، لا يقرون به، ولا يشكرون نعمه وفضله، وقالوا: إن له شريكا.
قُلْ: هُوَ رَبِّي، لا إِلهَ إِلَّا هُوَ أي قل لهم: إن الرحمن الذي تكفرون به، أنا مؤمن به معترف، مقرّ له بالربوبية والألوهية، فهو متولي أمري وخالقي، وهو ربي لا إله إلا هو، لا رب غيره ولا معبود سواه.
عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ أي توكلت عليه في جميع أموري، وفوضتها إليه، ووثقت به.
وَإِلَيْهِ مَتابِ أي إليه أرجع وأنيب، فإنه لا يستحق ذلك أحد سواه، أو إليه توبتي، بمعنى قوله: وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ [غافر 40/ 55] .
ثم بيّن الله تعالى عظمة القرآن وشأنه وتفضيله على سائر الكتب المنزلة قبله، فقال: وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً.. أي لو كان هناك في الكتب الماضية كتاب تسيّر بتلاوته الجبال عن أماكنها، أو تقطع به الأرض وتشقق وتجعل أنهارا