له قائلا: هوّن الله عليك سكرات الموت. وهذا الدّعاء من أعظم الجوائز وأفضل العطايا والهبات. والآية دالّة على جواز البذل والهبات عند البشائر.
جاء في حديث كعب بن مالك: «فلما جاءني الذي سمعت صوته يبشّرني، نزعت ثوبيّ، فكسوتهما إيّاه ببشارته» .
وتدلّ الآية أيضا على جواز إظهار الفرح بعد زوال الغمّ والتّرح، بتفريح الصّبيان وإطعام الطّعام ونحوهما، وقد نحر عمر بعد حفظه سورة البقرة جزورا.
5- نصر الله نبيّه يعقوب عليه السّلام على أولاده وكلّ من حوله، كما ينصر أنبياءه الكرام في نهاية المطاف وفي عاقبة الأمور، وتبيّن أنّ الناس مع الأنبياء كالأقزام مع العمالقة، فلم يجد أولاد يعقوب عليه السّلام بدّا من الاعتذار من أبيهم، وطلب الدّعاء منه أن يغفر الله لهم، لأنهم أدخلوا عليه من ألم الحزن ما لم يرتفع الإثم عنه أو يسقط المأثم عنه إلا بإحلاله وتسامحه وعفوه عنهم، كما عفا عنهم أخوهم يوسف.
وهذا الحكم ثابت فيمن آذى مسلما في نفسه أو ماله أو غير ذلك ظالما له، فإنه يجب عليه أن يتحلّل منه ويطلب صفحة عنه ومسامحته عليه، ويخبره بالمظلمة وقدرها، والصّحيح أنه لا ينفعه التّحليل المطلق دون بيان السّبب، فإنه لو أخبره بمظلمة لها قدر وبال، ربّما لم تطب نفس المظلوم في التّحلل منها.
روى البخاري وغيره عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «من كانت له مظلمة لأخيه من عرضه أو شيء، فليحلله منه اليوم، قبل ألا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح، أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم يكن له حسنات، أخذ من سيّئات صاحبه، فحمل عليه»
، فقوله صلّى الله عليه وسلّم: «أخذ منه بقدر مظلمته»
يجب أن تكون المظلمة معلومة القدر، مشارا إليها مبيّنة (?) .