وذلة إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ قبح أو عاقبة فعلكم، فأقدمتم عليه. وإنما قال ذلك تحريضا لهم على التوبة وشفقة عليهم، لما رأى من عجز هم وتمسكنهم، لا معاتبة وتثريبا.
قالُوا بعد أن عرفوه، لما ظهر من شمائله أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ استفهام تقرير وإثبات، وحقق بأن ودخول اللام عليه وَهذا أَخِي من أبي وأمي، ذكره تعريفا لنفسه به، وتفخيما لشأنه قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنا أنعم علينا بالاجتماع والسلامة والكرامة مَنْ يَتَّقِ يخف الله وَيَصْبِرْ على ما يناله من البليات، أو على الطاعات وعن المعاصي فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ وضع الظاهر الْمُحْسِنِينَ موضع الضمير أجرهم للتنبيه على أن المحسن: من جمع بين التقوى والصبر.
آثَرَكَ فضلك، واختارك علينا بحسن الصورة وكمال السيرة وبالملك والسلطة وغيرها وَإِنْ كُنَّا لَخاطِئِينَ إن مخففة من الثقيلة، أي إنا كنا، أي والحال أن شأننا أنا كنا مذنبين بما فعلنا معك، وآثمين في أمرك. والخاطئ: الذي يتعمد الخطيئة، والمخطئ: الذي يريد الصواب فيخطئه ويصير إلى غيره. والخطء: الذنب.
لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ لا لوم ولا تأنيب عليكم الْيَوْمَ خصه بالذكر، لأنه مظنة التثريب، فغيره أولى. وهو متعلق بالتثريب، أو بالخبر المحذوف وتقديره: لا تثريب كائن أو حاصل عليكم يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ لأنه صفح عن جريمتهم التي اعترفوا بها حينئذ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ فإنه يغفر الصغائر والكبائر، ويتفضل على التائب.
اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هذا هو قميص إبراهيم الذي لبسه، حين ألقي في النار، كان في عنقه في الجبّ، فهو القميص المتوارث، أو القميص الذي كان عليه. يَأْتِ بَصِيراً يصر مبصرا وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ أي ائتوني أنتم وأبي وزوجته بنسائكم وذراريكم ومواليكم.
الكلام مرتبط بما قبله، بتقدير محذوف، وهو أن يعقوب لما قال لبنيه:
اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ قبلوا من أبيهم هذه النصيحة، وعادوا إلى مصر للمرة الثالثة، يبحثون عن يوسف وأخيه، بلا يأس، وإنما بأمل وجدّ في البحث، فلما التقوا مع يوسف العزيز، ورق قلبه لاستعطافهم، عرّفهم بنفسه، وتم اجتماع الإخوة الاثني عشر.