فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ بين عرف وأنكر: طباق.
وَجاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ وهم أحد عشر إلا بنيامين ليمتاروا لما بلغهم أن عزيز مصر يعطي الطعام بثمنه. فَعَرَفَهُمْ أنهم إخوته، والمعرفة وعرفان الشيء: التّفكّر في أثره. وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ الإنكار: ضدّ المعرفة، أي أنهم لم يعرفوه لبعد عهدهم به وظنّهم هلاكه. جَهَّزَهُمْ أو في لهم كيلهم من القمح الذي جاؤوا لطلبه من عنده، أي جعله تاما وافيا. وجهاز السّفر: أهبته وحوائجه، وجهاز العروس: حوائج الزّفاف. بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ أي بنيامين لأعلم صدقكم فيما قلتم. أُوفِي الْكَيْلَ أتمّه من غير بخس. الْمُنْزِلِينَ المضيفين الضيوف، وكان أحسن إنزالهم وضيافتهم.
فَلا كَيْلَ لَكُمْ عِنْدِي أي ميرة. وَلا تَقْرَبُونِ نهي أو عطف على محل: فَلا كَيْلَ أي تحرموا ولا تقربوا، أي فلا تقربوني ولا تدخلوا دياري. سَنُراوِدُ عَنْهُ أَباهُ سنجتهد في طلبه من أبيه، ونستميله لتحقيق هذه الرّغبة برفق. وَإِنَّا لَفاعِلُونَ ذلك لا نتوانى فيه. لِفِتْيانِهِ لغلمانه الكيالين، جمع فتى. بِضاعَتَهُمْ ثمن ما أتوا به من الطعام، وكانت دراهم فضة، وإنما فعل ذلك توسيعا وتفضّلا عليهم وترفّعا من أن يأخذ ثمن الطّعام منهم. فِي رِحالِهِمْ أوعيتهم.
لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَها لعلهم يعرفون حقّ ردّها، أو لكي يعرفوها. إِذَا انْقَلَبُوا انصرفوا ورجعوا إلى أهلهم، وفتحوا أوعيتهم. لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ لعل معرفتهم ذلك تدعوهم إلى الرّجوع.
قال ابن عباس وغيره (?) : لما أصاب النّاس القحط والشدّة، ونزل ذلك بأرض كنعان، بعث يعقوب عليه السّلام ولده للميرة، وذاع أمر يوسف عليه السّلام في الآفاق، للينه وقربه ورحمته ورأفته وعدله وسيرته، وكان يوسف عليه السّلام حين نزلت الشّدّة بالنّاس يجلس عند البيع بنفسه، فيعطيهم من الطعام على عدد رؤوسهم، لكلّ رأس وسقا (?) .