أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي أجعله خالصا لنفسي دون شريك. فَلَمَّا كَلَّمَهُ أي فلما أتوا به فكلّمه، وشاهد منه الرّشد والدّهاء. مَكِينٌ ذو مكانة ومنزلة. أَمِينٌ مؤتمن على كلّ شيء.
خَزائِنِ الْأَرْضِ أرض مصر. إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ ذو حفظ وعلم بأمرها، وقيل: كاتب حاسب.
وَكَذلِكَ أي كإنعامنا عليه بالخلاص من السّجن. فِي الْأَرْضِ أرض مصر. يَتَبَوَّأُ مِنْها حَيْثُ يَشاءُ ينزل من بلاد مصر أي مكان أراد، فصار صاحب الأمر والحكم بعد الضّيق والحبس. وفي القصّة كما يقول السّيوطي: أن الملك توّجه وختّمه وولاه مكان العزيز، وعزله، ومات بعد، فزوّجه امرأته، فوجدها عذراء، وولدت له ولدين، وأقام العدل بمصر، ودانت له الرّقاب.
نُصِيبُ بِرَحْمَتِنا مَنْ نَشاءُ في الدّنيا والآخرة. وَلا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ بل نوفّي أجورهم عاجلا وآجلا. وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ من أجر الدّنيا. وَكانُوا يَتَّقُونَ الشّرك والفواحش، لعظمه ودوامه.
بعد أن تحقق الملك الأكبر من أمر النّسوة بناء على طلب يوسف عليه السّلام، وظهرت له براءته وعفّته، طلب إحضاره إليه من السّجن، ليصطفيه لنفسه، فلما سمع منه تعبير رؤياه، أعجب به وبعلمه وحسن أدبه، وأعزّه وأنزله لديه مكانة عالية، وآمنه على نفسه، وائتمنه على كلّ شيء، وسلّمه مقاليد الحكم والسّلطة، وفوّض إليه تصريف وإدارة الأمور السياسيّة والماليّة في جميع أنحاء مصر.
المراد بالملك هنا: الملك الأكبر، وليس العزيز على الرّأي الرّاجح، لطلب يوسف منه أن يجعله على خزائن الأرض، ولأنه كان قبل ذلك خالصا للعزيز، والآن يريد الملك الأكبر (الرّيان بن الوليد) استخلاصه لنفسه.