وأرميه بذنب هو منه بريء، ثم اعتذرت عمّا وقعت فيه مما يقع فيه البشر من الشّهوات بقولها: وَما أُبَرِّئُ نَفْسِي، والنّفوس مائلة إلى الشّهوات، أمّارة بالسّوء (?) . وكذلك قال ابن كثير: هذا القول أقوى وأظهر: لأن سياق الكلام كله من امرأة العزيز بحضرة الملك، ولم يكن يوسف عليه السّلام عندهم، بل بعد ذلك أحضره الملك (?) .
قالت امرأة العزيز: الآن حصحص الحقّ، وليعلم يوسف أنّي لم أخنه في غيبته، وهو سجين، أو ليعلم زوجي أني لم أخنه بيوسف، وأني لم أرتكب الفاحشة، فلم يحدث مني إلا مجرد المراودة أو المغازلة، فامتنع وأبى ولاذ بالفرار، ولا أنزّه نفسي من الزّلل والخطأ، إن النّفوس ميّالة بالطّبع إلى الشّهوات والأهواء.
إلا من رحمه الله الخالق، فصرف عنه السّوء والفحشاء كيوسف وأمثاله.
ولكني لا أيأس من رحمة الله، إنّ ربّي كثير المغفرة، رحيم بالعباد.
وفي قول مرجوح: إن هذه الآية حكاية لقول يوسف، بمعنى: ليعلم العزيز أني لم أخنه في زوجه أثناء غيبته، وحال ثقته بي، وائتمانه على عرضه، وما أبرئ نفسي البشريّة من خواطر القلب، فكلّ نفس ميّالة بالطّبع للشّهوات والأهواء، إلا النّفس التي عصمها الله من الانزلاق في المعاصي، ووفقها للاستقامة، وتلك هي نفس الأنبياء، وسيرة الصّلحاء، إنّ ربّي غفّار لذنوب المخطئين، رحيم بهم إذا بادروا إلى التّوبة والإنابة والتّضرّع إلى الله، ليخلصهم من آثار الذّنوب، ويطهّر نفوسهم من شوائب المعاصي.