سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ سمّى: يتعدى إلى مفعولين، يجوز حذف أحدهما، فالأول: ها في سَمَّيْتُمُوها والثاني: محذوف، وتقديره: سميتموها الهة. وأَنْتُمْ تأكيد تاء سميتموها، ليحسن العطف على الضمير المرفوع المتصل فيها.
أَعْصِرُ خَمْراً مجاز مرسل باعتبار ما سيكون، أي أعصر عنبا يؤول إلى خمر.
وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيانِ أي أدخل يوسف السجن، وصادف أن دخل معه غلامان آخران للملك، أحدهما: ساقيه، والآخر صاحب طعامه أي خبازه، فرأياه يعبر الرؤيا، فقالا:
لنختبرنه. قالَ أَحَدُهُما وهو الساقي. خَمْراً أي عنبا يكون خمرا. وَقالَ الْآخَرُ وهو صاحب الطعام الخباز. نَبِّئْنا خبرنا. بِتَأْوِيلِهِ بتعبيره. مِنَ الْمُحْسِنِينَ من الذين يحسنون تأويل الرؤيا، أو من العالمين.
قال لهما مخبرا أنه عالم بتعبير الرؤيا. تُرْزَقانِهِ في منامكما. نَبَّأْتُكُما بِتَأْوِيلِهِ في اليقظة أي بتفسيره الذي يؤول إليه في الواقع. قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُما تأويله ويتحقق المراد منه، كأنه أراد أن يدعوهما إلى التوحيد، ويرشدهما إلى الطريق القويم، قبل أن يجيبهما على سؤالهما.
ذلِكُما أي ذلك التأويل مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي بالإلهام والوحي، وليس من قبيل التكهن أو التنجيم، وهذا أيضا فيه حثّ على إيمانهما ثم قواه بقوله: إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ دين قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ، وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ هم: تأكيد كفرهم بالآخرة، وهذا تعليل لما قبله، أي علمني ذلك لأني تركت ملة أولئك.
وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ.. معطوف على تَرَكْتُ أو كلام مبتدأ لتمهيد الدعوة وإظهار أنه من بيت النبوة، لتقوى رغبتهما في الاستماع إليه والوثوق به. وهو دليل على أنه يجوز لغير المعروف أن يصف نفسه حتى يعرف، فيستفاد منه. ما كانَ لَنا أي ما كان ينبغي لنا أو ما صحّ لنا معشر الأنبياء. أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ أي شيء كان، لعصمتنا. ذلِكَ أي التوحيد. مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنا بالوحي. وَعَلَى النَّاسِ وعلى سائر الناس، ببعثتنا لإرشادهم وتثبيتهم عليه.
وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ المبعوث إليهم، وهم الكفار لا يَشْكُرُونَ الله على هذا الفضل، فيشركون ويعرضون عنه.
ثم صرح يوسف بدعوتهما إلى الإيمان فقال: يا صاحِبَيِ السِّجْنِ أي يا ساكنيه أو