بمكنا، أي لنملكه أو ليتصرف فيها بالعدل ولنعلمه، أو الواو زائدة وَاللَّهُ غالِبٌ عَلى أَمْرِهِ أي لا يعجزه شيء، فلا يمنع عما يشاء، ولا ينازع فيما يريد.
أَشُدَّهُ منتهى اشتداد جسمه وكمال قوته الجسمية والعقلية، وهو رشده، وهو سن ما بين الثلاثين والأربعين آتَيْناهُ حُكْماً أي حكمة، وهو العلم المؤيد بالعمل، أو حكما بين الناس، أو حكما صحيحا يزن به الأمور بميزان صادق وَعِلْماً يعني علم تأويل الأحاديث، وفقه الدين قبل أن يبعث نبيا وَكَذلِكَ كما جزيناه نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ لأنفسهم، وهو تنبيه على أنه تعالى إنما آتاه ذلك جزاء على إحسانه في عمله واتقائه في عنفوان أمره.
بعد مسيرة يوسف مع السيارة إلى مصر، أبان الله تعالى بداية قصة يوسف في بيت عزيز مصر الذي اشتراه، وإيتاءه النبوة والعلم والحكمة وتعبير الرؤيا وجعله من زمرة المحسنين.
بعد تلك المأساة الحزينة التي مرّ بها يوسف في البئر، ثم اعتباره كالعبيد يباع ويشترى، قيّض الله له الذي اشتراه من مصر، ولم يذكر هنا اسمه، وإنما وصفه النسوة بأنه عزيز مصر على خزائنها، وذكر في التاريخ أنه رئيس الشرطة والوزير بها، وكان اسمه «قطفير» أو أطفير بن روحيب وزير المالية، حتى اعتنى به وأكرمه وأوصى أهله به، لما توسم فيه الخير والصلاح، فقال لامرأته زليخا أو راعيل بنت رعابيل: أكرمي مقام هذا الغلام ومنزله عندنا أي أحسني تعهده، لما تفرس فيه من الرشد.
روى أبو إسحاق عن أبي عبيدة عن عبد الله بن مسعود أنه قال: أفرس الناس ثلاثة: عزيز مصر حين قال لامرأته: أَكْرِمِي مَثْواهُ والمرأة التي قالت لأبيها: يا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ الآية [القصص 28/ 26] ، وأبو بكر الصديق حين استخلف عمر بن الخطاب رضي الله عنهما.