وإن كنا صادقين، لكنك لا تصدقنا لأنك تتهمنا في يوسف، لشدة محبتك إياه، ولظنك أنا قد كذبنا.
وهذا إيماء بعدم قناعتهم بما يقولون، وإحساسهم بالكذب ضمنا.
وزاد في التلبيس والتدليس أنهم جاؤوا بقميصه ملطّخا بدم مكذوب مفترى، أخذوه من دم سخلة ذبحوها، ولطخوا ثوب يوسف بدمها، موهمين أن هذا قميصه الذي أكله فيه الذئب، لذا قال: عَلى قَمِيصِهِ ولكن إرادة الله أبت إلا أن يظهر آثار جريمتهم، فنسوا أن يخرقوا الثوب ويشقّوه إذ لو كان من افتراس الذئب لتمزق القميص، فلم يصدقهم يعقوب وأعرض عنهم وعن كلامهم إلى ما وقع في نفسه من لبسهم عليه، فقال: بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أي بل زينت أو سهلت وهونت لكم أنفسكم السيئة أمرا منكرا غير ما تصفون وتذكرون، فسأصبر صبرا جميلا على هذا الأمر الذي اتفقتم عليه، وأستعين بالله حتى يفرج الكرب بعونه ولطفه، فالصبر الجميل أولى بي،
يروى أن النبي صلى الله عليه وسلّم سئل عن الصبر الجميل فقال: «هو الذي لا شكوى معه» .
والله المستعان على ما تذكرون من الكذب، وهو المعين على شر ما تصفون من الحدث الأليم.
روي أن يعقوب قال استهزاء: ما أحلمك يا ذئب تأكل ابني ولا تشق قميصه؟!
أرشدت الآيات إلى ما يأتي:
1- نجح إخوة يوسف في حبك المؤامرة، وخداع أبيهم، والمؤمن غر كريم، وتلك حيلة يلجأ إليها الأولاد عادة لأن لعب الصبيان المباح وتنشيطهم مرغوب فيه، لا سيما وقد أظهروا شفقتهم عليه وحبهم له، وتعهدوا بحفظه ورعايته من المخاوف.