تالله، لقد كان في قصة يوسف مع إخوته لأبيه عبرة ومواعظ للسائلين الذين سألوا عنهم، دالة على قدرة الله تعالى وحكمته في كل شيء لكل سائل عن أحداث القصة، ودالة على صدق الرسول يوسف وغيره، وعلى ما أظهر الله في قصة يوسف من عواقب البغي عليه، وصدق رؤياه، وصحة تأويله، وضبط نفسه وقهرها، حتى قام بحق الأمانة (?) . فذلك خبر عجيب يستحق أن يخبر عنه.
إنه لعبرة حين قالوا: والله ليوسف وأخوه بنيامين شقيقه أحب إلى أبينا منا، فهو يفضلهما علينا في الحب، وهما صغيران، ونحن جماعة عشرة رجال.
حلفوا فيما يظنون، وأَحَبُّ أفعل تفضيل أي أكثر حبا منا. والعصبة:
ما بين الواحد إلى العشرة.
إن أبانا لفي خطأ واضح مجاف الصواب في ذلك، بإيثار يوسف وأخيه علينا بالمحبة، وتركه العدل والمساواة في المحبة، فكيف يفضّل صغيرين ضعيفين لا كفاية فيهما ولا منفعة، على رجال أشداء، نقوم بكل ما يحتاج إليه من منافع معاشية ودفاعية، وكيف يحب الاثنين أكثر من الجماعة؟! وهذا في الحقيقة خطأ منهم لا من أبيهم لأن يوسف وأخاه صغيران يتيمان ماتت أمهما، ولأنه كان يرى في يوسف إرهاصات النبوة والعقل والحكمة، وتأكد توقعه بما فهم من رؤياه.
ومع ذلك يطلب الاحتياط في معاملة الأولاد والتسوية بينهم في المحبة والمعاملة ولو في القبلة، وتجنب ما يثير التحاسد والتباغض بينهم، كما
أوصى النبي