وأمه. رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ إما تأكيد، أو استئناف لبيان حالهم التي رآهم عليها، فلا تكرار.
وإنما أجريت مجرى العقلاء لوصفها بصفاتهم، وهو السجود الذي هو من صفات العقلاء. والسجود المراد هنا: هو الانحناء، مبالغة في الاحترام، وليس سجود عبادة لأن سجود العبادة لا يكون إلا بنية التقرب لمن يعتقد أن له عليه سلطانا غيبيا فوق السلطان المعتاد.
لا تقصص رؤياك قص الرؤيا: الإخبار بها، والرؤيا كالرؤية، غير أنها مختصة بما يكون في النوم، ففرق بينهما، بتاء التأنيث المربوطة، كالقربة والقربى. والرؤيا: انطباع الصورة المنحدرة من الخيال إلى الحس المشترك، فتصير مشاهدة. فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً يحتالون في هلاكك حسدا.
عَدُوٌّ مُبِينٌ ظاهر العداوة لما فعل بآدم وحواء. وَكَذلِكَ ومثل ذلك الاجتباء.
يَجْتَبِيكَ يختارك ويصطفيك، أي وكما اجتباك ربك لمثل هذه الرؤيا العظيمة الدالة على شرف وعز، كذلك يجتبيك ربك لأمور عظام. وَيُعَلِّمُكَ كلام مبتدأ غير داخل في حكم التشبيه، كأنه قيل: وهو يعلمك ويتم نعمته عليك. مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ تعبير الرؤيا: أي الإخبار بما يؤول إليه الشيء في الوجود، وسميت الرؤيا أحاديث باعتبار حكايتها والتحديث بها، وتعبير الرؤيا يميز بين أحاديث الملك الصادقة وبين أحاديث النفس والشيطان الكاذبة.
وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ بالنبوة. وَعَلى آلِ يَعْقُوبَ أي أهله وأولاده. والآل: خاص بمن لهم شرف وخطر. كَما أَتَمَّها بالنبوة. مِنْ قَبْلُ اي من قبلك أو من قبل هذا الوقت.
عَلِيمٌ بخلقه وبمن يستحق الاجتباء. حَكِيمٌ في صنعه بهم، يفعل الأشياء على ما ينبغي.
هذا شروع في بيان أحسن القصص، وهذه بداية مثيرة مجملة في حلقات أو فصول قصة يوسف، تجتذب ذهن القارئ والسامع لتعرف ما هو المصير، وكيف يتم حل اللغز المبهم المبدوء بقصّ يوسف رؤياه الغريبة على أبيه وهو صغير، وما أجابه به، من إخفاء الرؤيا على إخوته حتى لا يحسدوه ويكيدوا له وهذا.
الأسلوب يحتذيه واضعو القصص، إذ يبدءون القصة بلغز أو نبأ مثير، ثم يتدرجون في حل اللغز وبيان أبعاد النبأ وحقيقته.
يفسر بعض المفسرين الأسباط في آية قُولُوا: آمَنَّا بِاللَّهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا