بدل مرفوع من عاصِمَ. والتقدير: لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم أي الراحم، وهو الله تعالى.

وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحاكِمِينَ مبتدأ وخبر.

إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ يعود الضمير إلى السؤال، أي إن سؤالك أن أنجي كافرا عمل غير صالح، أو يعود إلى الابن، والمراد: إنه ذو عمل غير صالح، فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه. ومن قرأه عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ جعله فعلا ماضيا، ونصب غَيْرُ على أنه مفعول به، وهذه القراءة تدل على أن الضمير في إِنَّهُ يعود على الابن.

فَلا تَسْئَلْنِ الأصل فيه أن تأتي بثلاث نونات: نوني التوكيد ونون الوقاية، فاجتمعت ثلاث نونات فاستثقلوا اجتماعها، فحذفوا الوسطى لأن نون الوقاية لا تحذف، وكسرت الشديدة للياء، ثم حذفت اكتفاء بالكسرة.

البلاغة:

يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ وَيا سَماءُ أَقْلِعِي بين الأرض والسماء طباق، وبين ابلعي وأقلعي جناس ناقص.

قال أبو حيان: في هذه الآية و، حد وعشرون نوعا من البديع بالرغم من أن ألفاظها تسع عشرة لفظة: المناسبة في قوله: أَقْلِعِي وابْلَعِي، والمطابقة بذكر الأرض والسماء، والمجاز في قوله يا سَماءُ المراد مطر السماء.

والاستعارة في قوله: أَقْلِعِي، والإشارة في قوله وَغِيضَ الْماءُ فإنها إشارة إلى معان كثيرة، والتمثيل في قوله: وَقُضِيَ الْأَمْرُ عبر بالأمر عن إهلاك الهالكين ونجاة الناجين، والإرداف في قوله: وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ فلفظ وَاسْتَوَتْ كلام تام، أردفه بقوله عَلَى الْجُودِيِّ قصدا للمبالغة في التمكن بهذا المكان، والتعليل في قوله: وَغِيضَ الْماءُ فإنه علة للاستواء، والاحتراس في قوله: وَقِيلَ: بُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ وهو أيضا ذم لهم ودعاء عليهم، والإيضاح بقوله الظَّالِمِينَ أي القوم الذين سبق ذكرهم في قوله: وَكُلَّما مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ ...

فالألف واللام في القوم للعهد، والمساواة وَاسْتَوَتْ فلفظها مساو لمعناها، وحسن النّسق، لعطف قضايا بعضها على بعض، والإيجاز لذكر القصة باللفظ القصير مستوعبا للمعاني الجمة، والتسهيم لأن أول الآية يا أَرْضُ ابْلَعِي فاقتضى آخرها وَيا سَماءُ أَقْلِعِي والتهذيب لأن مفردات الألفاظ موصوفة بكمال الحسن، والتمكين لأن الفاصلة مستقرة في قرارها، والتجنيس في قوله أَقْلِعِي وابْلَعِي والمقابلة في قوله: يا أَرْضُ ابْلَعِي وَيا سَماءُ أَقْلِعِي والذم في قوله:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015