حَتَّى إِذا.. حَتَّى هي التي يبتدأ بعدها الكلام، دخلت على الجملة من الشرط والجزاء. فإن كانت غاية فهي غاية للصنع، أي لقوله: وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ أي وكان يصنعها إلى أن جاء وقت الموعد. ويكون ما بعد يَصْنَعُ من الكلام حالا من يَصْنَعُ كأنه قال:

يصنعها، والحال أنه كلما مر عليه ملأ من قومه، سخروا منه. وجواب كُلَّما إما سَخِرُوا وإما قالَ وسَخِرُوا بدل من مَرَّ أو صفة لملأ.

جاءَ أَمْرُنا بإهلاكهم. وَفارَ التَّنُّورُ أي نبع الماء فيه وارتفع كالقدر تفور، والتَّنُّورُ تنور الخبز، ابتدأ منه النبع، على خرق العادة، وكان ذلك علامة لنوح. وكان في الكوفة في موضع مسجدها، أو في الهند، أو بعين وردة بأرض الجزيرة. وقيل: التَّنُّورُ وجه الأرض.

احْمِلْ فِيها في السفينة. مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ أي ذكر وأنثى، أي من كل أنواعهما.

اثْنَيْنِ ذكرا وأنثى. جاء في القصة: إن الله حشر لنوح السباع والطير وغيرهما، فجعل يضرب بيديه في كل نوع، فتقع يده اليمنى على الذكر، واليسرى على الأنثى، فيحملها في السفينة.

وَأَهْلَكَ أي زوجته وأولاده. إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ أي منهم بالإهلاك والإغراق، وهو ولده كنعان وزوجته، وأخذ معه سام وحام ويافث وزوجاتهم الثلاثة.

إِلَّا قَلِيلٌ قيل: كانوا ثمانين، نصفهم رجال ونصفهم نساء، وقيل: كانوا تسعة وسبعين:

زوجته المسلمة، وبنوه الثلاثة (سام وحام ويافث) ونساؤهم، واثنان وسبعون رجلا وامرأة من غيرهم.

مَجْراها وَمُرْساها أي جريها ومنتهى سيرها. إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ أي لولا مغفرته للسيئات ورحمته بالعباد، لما أنجاكم، فهو رحيم حيث لم يهلكنا.

المناسبة:

الآيات تتمة لما ذكر قبلها، تتضمن الإعداد لإغراق قوم نوح وإهلاكهم، ومقابلة السخرية والتهكم بالتخطيط للنجاة وغرق القوم.

التفسير والبيان:

يخبر الله تعالى أنه أوحى إلى نوح أنه لن يؤمن أحد من قومك بدعوتك إلا من قد آمن سابقا، فلا تحزن عليهم ولا يهمنك أمرهم، فدعا عليهم نوح عليه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015