مَنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ جعل الإعادة كالابتداء في الإلزام بها، لظهور برهانها.
تُؤْفَكُونَ تصرفون عن الحق إلى الباطل وعن عبادته مع قيام الدليل.
مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ بإقامة الحجج، وإرسال الرسل، وخلق الاهتداء أو التوفيق للنظر والتدبر. أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وهو الله أَمَّنْ لا يَهِدِّي أم الذي لا يهتدي، والاستفهام للتقرير والتوبيخ، أي الأول أحق. كَيْفَ تَحْكُمُونَ هذا الحكم الفاسد من اتباع ما لا يحق اتباعه، وما يقتضي صريح العقل بطلانه.
وَما يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ في عبادة الأصنام، والمراد بالأكثر الجميع، أو الذي عنده تمييز ونظر ولا يرضى بالتقليد. إِلَّا ظَنًّا وهو تقليد الآباء بالاعتماد على خيالات فارغة وقياسات فاسدة، كقياس الغائب على الشاهد والخالق على المخلوق بأدنى مشاركة موهومة. إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً أي لا يفيد الظن فيما يطلب فيه العلم والاعتقاد الحق. شَيْئاً من الإغناء. إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِما يَفْعَلُونَ فيجازيهم عليه.
انتقل الله تعالى فورا في بيانه من إثبات التوحيد إلى إثبات البعث، من طريق معرفة القادر ابتداء على خلق الإنسان وخلق السموات والأرض، وأن الإعادة كالابتداء، ثم عرض الأمر على العقلاء في بيان الأحق بالاتباع أهو الله الذي يخلق الاهتداء والتوفيق إليه، أم المحتاج إلى هداية غيره؟
وصيغ البيان أو الحجة بطريق السؤال والاستفهام لأنه أوقع في النفس، وأبلغ تأثيرا على القلب.
قل للمشركين أيها الرسول: من الذي بدأ خلق السموات والأرض، ثم أنشأ ما فيهما من الخلائق؟ هل يستطيع أحد غير الله ذلك؟ سواء كان صنما أو وثنا أو كوكبا أو ملكا أو جنّا أو رسولا أو غيرهم؟ ومن يقدر أن يعيد الخلق خلقا جديدا؟