ودلت الآية على ما يأتي:

1- الله تعالى هو الرزاق، المتصرف في الملك والخلق والإيجاد وحده، المحيي، المميت، المدبر أمر الكون والعالم.

2- من كانت هذه قدرته ورحمته ويفعل هذه الأشياء هو ربكم الحق الثابت ربوبيته ثباتا لا ريب فيه، لا ما أشركتم معه: فَذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ. وبما أن الله تعالى هو الحق المبين، وجب أن يكون ما سواه ضلالا لأن النقيضين لا يجتمعان، فإذا كان أحدهما حقا، وجب أن يكون ما سواه باطلا: فَماذا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ؟ أي ما بعد عبادة الإله الحق إذا تركت عبادته إلا الضلال؟

وبناء عليه، قال العلماء: حكمت هذه الآية بأنه ليس بين الحق والباطل منزلة ثالثة في هذه المسألة التي هي توحيد الله تعالى. ويقاس عليها مسائل الأصول، الحق فيها واحد لا يتعدد، بخلاف مسائل الفروع التي قال الله تعالى فيها: لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً [المائدة 5/ 48]

وقوله عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «الحلال بيّن، والحرام بيّن، وبينهما أمور مشتبهات» .

وثبت عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلّم كان إذا قام إلى صلاة التهجد قال: «اللهم لك الحمد»

وفي الحديث: «أنت الحق ووعدك الحق..»

فقوله: «أنت الحق»

أي الواجب الوجود، وهذا وصف لله تعالى بالذات والحقيقة إذ وجوده لنفسه لم يسبقه عدم ولا يلحقه عدم، بخلاف غيره، كقوله تعالى:

كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ [القصص 28/ 88] .

ومقابلة الحق بالضلال عرف لغة وشرعا، كما في هذه الآية، وكذلك أيضا مقابلة الحق بالباطل عرف لغة وشرعا، كما في قوله تعالى: ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015