أحد، ولا خطّ بيمينه شيئا من الكلام، لا يستطيع أن يأتي بمثل هذا القرآن المعجز لكم ولكل العلماء، فأنتم وغيركم من الإنس والجن لم تستطيعوا معارضته.
وهذه إشارة إلى أن القرآن معجز خارق للعادة لأنه كلام الله، وليس كلام بشر، بدليل أنكم فرسان البلاغة والفصاحة وأساطين البيان، ولم تأتوا بسورة من مثله لأن فصاحته بذّت فصاحة كل منطيق، وعلا عن كل منثور ومنظوم، واحتوى على قواعد الأصول والفروع، وأعرب عن قصص الأولين، وأخبر عن مغيبات المستقبل، وجاء مطابقا للعلوم الصحيحة والنظريات العلمية الثابتة:
قُلْ: لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ، وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً [الإسراء 17/ 88] .
فلا أحد أظلم من رجلين: أحدهما- من افترى على الله الكذب بنسبة الشريك أو الولد إليه، أو بتبديل كلامه على النحو الذي اقترحتموه، أو بالتقول على الله والزعم أن الله أرسله ولم يكن كذلك. والثاني- من كذّب بآيات الله البينة، فكفر بها، ثم علل تعالى ذلك بقوله: إِنَّهُ لا يُفْلِحُ ... أي إنه لا يفوز المجرمون، أي الكافرون في الآخرة، فالمقصود من قوله: فَمَنْ أَظْلَمُ ... نفي الكذب عن نفسه. والمقصود بقوله: أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ إلحاق الوعيد الشديد بهم حيث كذبوا بآيات الله.
يستنبط من الآيات ما يأتي:
1- التسجيل الواضح الفاضح لكلام المشركين المطالبين إما الإتيان بغير القرآن وإما تبديله، والفرق بينهما أن الإتيان بغيره قد يجوز أن يكون معه غيره، وأما التبديل فلا يجوز أن يكون معه غيره. وسبب هذا الطلب إما السخرية والاستهزاء، وإما التجربة والامتحان.