وَما قَدَرُوا اللَّهَ:
أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال: جاء رجل من اليهود يقال له: مالك بن الصّيف، فخاصم النّبي صلّى الله عليه وسلّم، فقال له النّبي صلّى الله عليه وسلّم: «أنشدك بالذي أنزل التوراة على موسى، هل تجد في التوراة أن الله يبغض الحبر السّمين؟» وكان حبرا سمينا، فغضب، وقال: ما أنزل الله على بشر من شيء، فقال له أصحابه: ويحك، ولا على موسى، فأنزل الله: وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ الآية. وهو خبر مرسل، وأخرج ابن جرير الطبري نحوه عن عكرمة.
وقال ابن عباس في رواية الوالبي: قالت اليهود: يا محمد، أنزل الله عليك كتابا؟ قال: نعم، قالوا: والله، ما أنزل الله من السماء كتابا، فأنزل الله تعالى: قُلْ: مَنْ أَنْزَلَ الْكِتابَ الَّذِي جاءَ بِهِ مُوسى نُوراً وَهُدىً لِلنَّاسِ
ويؤيده قول الحسن وسعيد بن جبير: الذي قال: ما أَنْزَلَ اللَّهُ عَلى بَشَرٍ هو أحد اليهود، قال: لم ينزل الله كتابا من السماء، وقال السدي: اسمه فنحاص.
وعن سعيد بن جبير أيضا قال: هو مالك بن الصيف.
وقال محمد بن كعب القرظي: أمر الله محمدا صلّى الله عليه وسلّم أن يسأل أهل الكتاب عن امره، وكيف يجدونه في كتبهم، فحملهم حسد محمد أن كفروا بكتاب الله ورسوله، وقالوا: ما أنزل الله على بشر من شيء، فأنزل الله تعالى هذه الآية «1» .
وذكر عن ابن عباس في رواية أخرى: أن آية: إِذْ قالُوا: ما أَنْزَلَ اللَّهُ عَلى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ يعني مشركي قريش. وهذا هو الراجح، كما سأبين.