لما حكى الله تعالى عن الكفار إنكارهم للحشر والنشر والبعث والقيامة، بيّن في هذه الآية كيفية حالهم في القيامة، ثم ذكر حقيقة الدنيا ومقارنتها بالآخرة.
ولو ترى حال المشركين حين تقفهم الملائكة بين يدي ربهم، لوجدت هول أمرهم، ورأيت أمرا خطيرا مدهشا لا يحدّه وصف.
وظاهر الآية غير مراد قطعا لأنه استعلاء على ذات الله تعالى، وهو باطل بالاتفاق، وإنما هذا من قبيل المجاز، فهو مجاز عن الحبس للتوبيخ والسؤال كما يوقف الجاني بين يدي الحاكم ليعاتبه، وهم موقوفون ومحبوسون بوساطة الملائكة، امتثالا لأمر الله فيهم، كما قال: وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ [الصافات: 37/ 24] . وعبر بهذا التعبير: وُقِفُوا عَلى رَبِّهِمْ للدلالة على أن أمرهم مقصور على الله، لا يتصرف فيهم غيره.
ثم يناقشهم الله على لسان الملائكة قائلا لهم: أَلَيْسَ هذا بِالْحَقِّ؟ أي أليس هذا المعاد بحق، وليس بباطل كما كنتم تظنون.
أجابوا: بلى وربنا، أي أنه الحق الذي لا شك فيه، وأكدوا قولهم باليمين بالله، فشهدوا على أنفسهم بكفرهم، والمقصود أنهم يعترفون بكونه حقا مع القسم واليمين.
فرد الله عليهم: ذوقوا العذاب الأليم بسبب كفركم وتكذيبكم الذي دمتم عليه، ولم تفارقوه في الدنيا حتى الموت. وعبر بلفظ الذوق للدلالة على أنهم في كل حال يجدونه وجدان الذائق في قوة الإحساس به.
ثم أخبر تعالى بخبر عام: وهو خسارة من كذب بلقاء الله، وخيبته إذا