قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لَسْتُمْ عَلى شَيْءٍ:
روى ابن جرير الطبري وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: جاء رسول الله صلّى الله عليه وسلّم رافع بن حارثة، وسلام بن مسكين، ومالك بن الصيف، ورافع بن حرملة، فقالوا: يا محمد، ألست تزعم أنك على ملة إبراهيم ودينه، وتؤمن بما عندنا من التوراة، وتشهد أنها من الله حق، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: بلى، ولكنكم أحدثتم وجحدتم ما فيها، مما أخذ عليكم من الميثاق، وكتمتم منها ما أمرتم أن تبينوه للناس، وأنا بريء من أحداثكم، قالوا: فإنا نأخذ بما في أيدينا، فإنا على الحق والهدى، ولا نؤمن بك، ولا نتبعك، فأنزل الله: قُلْ: يا أَهْلَ الْكِتابِ لَسْتُمْ عَلى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ، وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ إلى قوله: فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ «1» .
وقال ابن عباس: جاء جماعة من اليهود إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم فقالوا: ألست تقرّ أن التوراة حق من عند الله؟ قال: بلى، فقالوا: فإنا نؤمن بها ولا نؤمن بما عداها، فنزلت الآية
، أي لستم على شيء من الدين حتى تعملوا بما في الكتابين من الإيمان بمحمد عليه الصلاة والسلام، والعمل بما يوجبه ذلك منهما «2» .
أمر الرسول صلّى الله عليه وسلّم بأن لا ينظر إلى قلة المقتصدين المعتدلين وكثرة الفاسقين من أهل الكتاب، ولا يخشى مكروههم، فقال: بَلِّغْ أي واصبر على تبليغ ما أنزلته إليك من كشف أسرارهم وفضائح أفعالهم، فإن الله يعصمك من كيدهم، ويصونك من مكرهم.