قوله: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا}] (?).
والخلاصة في المعنى: كيف إذا جئنا من كل أمة بمن يشهد عليها بأعمالها، وتصديقها رسلَها أو تكذيبها، وجئنا بك يا محمد على كل الأمم شهيدًا، بما فيها أمتك.
قال ابن جريج: ({فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ}، قال: رسولها، فيشهد عليها أن قد أبلغهم ما أرسله الله به إليهم، {وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا} قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أتى عليها فاضت عيناه).
فكل رسول يشهد على أمته، ثم يجيء محمد - صلى الله عليه وسلم - وأمته فيشهدون على جميع الأمم، ولا شك أن هذه الآية أبكت نبينا - صلى الله عليه وسلم - عندما سمعها تُتلى عليه.
ففي الصحيحين والمسند عن عبد الله بن مسعود قال: [قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: اقرأ عليّ. فقلت: يا رسول الله أقرأ عليك، وعليك أنزل؟ قال: نعم، إني أُحِبُّ أن أسمعه من غيري. فقرأت سورة النساء، حتى أتيت إلى هذه الآية: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا} قال: حَسْبُكَ الآن. فإذا عيناه تَذْرِفان] (?).
وقوله: {يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ}. أي: يتمنى الذين جحدوا وحدانية الله وتعظيمه وعصوا رسوله. {لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ} يعني لو سوّاهم الله والأرض فصاروا ترابًا مثلها شأن مصير البهائم.
وقرأها قراء الكوفة {لَوْ تُسَوَّى}. وقراء الحجاز ومكة والمدينة: {لو تَسَّوَّى}.
وقرأها غيرهم: {لو تُسَوى}، وكلها قراءات مشهورة.
وقوله: {وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا} فيه أكثر من تأويل:
1 - قال قتادة: (معناه أنهم لما تبين لهم وحوسبوا لم يكتموا).
2 - قال ابن عباس: (لما رأوا أنه لا يدخل الجنة إلا أهل الإسلام قالوا: {وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا