ما تملك). وقيده بعض أهل العلم بأن لا يتجاوز ما أعطاها ركونًا لقوله تعالى: {لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ}. ذكره القرطبي.
قلت: ولفظ الفاحشة وإن كان الأشهر أنه الزنا، إلا أنه يتناول أمورًا مؤذية أخرى. قال ابن عبد البر: (الفاحشة قد تكون البذاء والأذى، ومنه قيل للبذيّ: فاحش ومتفحِّش).
وقد ثبت ذلك فيما أخرجه الترمذي بسند حسن عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [ليس المؤمن بالطَّعَّان، ولا اللّعان، ولا الفاحش، ولا البذيّ] (?).
وأخرج العقيلي بإسناد حسن عن عائشة مرفوعًا: [يا عائشة إياك والفحش إياك والفحش، فإن الفحش لو كان رجلًا لكان رجل سوء] (?).
وقوله: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}. أَمْرٌ بحسن الصحبة والعشرة. قال السدي: (يقول: وخالطوهن). وقال محمد بن الحسين: (وهي المصاحبة).
وتشمل المعاشرة التلطف لهن بالقول والهيئة والفعل كما يحب ذلك له منها. قال بعضهم: (هو أن يتصنّع لها كما تتصنّع له). وقال ابن عباس رضي الله عنه: (إني أحِبُّ أن أتزينَ لامرأتي كما أحِبُ أن تتزين لي). وقال يحيى بن عبد الرحمن الحنظلي: (أتيت محمد بن الحنفية فخرج إلي في مِلْحَفَةٍ حمراءَ ولحيتُه تَقْطُر من الغالية (?)، فقلت: ما هذا؟ قال: إن هذه الملحفة ألقتها علي امرأتي ودهنتني بالطِّيب، وإنهن يشتهين منا ما نشتهيه منهن).
قلت: وقد جاءت السنة الصحيحة بحسن العشرة والمصاحبة للزوجة، فإن في ذلك خيرًا كثيرًا. ومن الأحاديث في ذلك:
الحديث الأول: أخرج الترمذي والدارمي بسند صحيح عن عائشة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [خَيْرُكُمْ خيرُكُم لأهله، وأنا خيركُم لأهلي] (?).