وقوله: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ}. قال مجاهد: (يبدأ بالدين قبل الوصية).
أخرج ابن ماجة بسند صحيح عن سعد بن الأطول: [أن أخاه مات وترك ثلاث مئة درهم. وترك عيالًا. فأردت أن أنفقها على عياله. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: إن أخاك مُحْتبَسٌ بِدَيْنِهِ. فاقض عنه. فقال: يا رسول الله! قد أديت عنه إلا دينارين، ادعتهما امرأة وليس لها بينة. قال: فأعطها فإنها مُحِقّة] (?).
وأخرج الترمذي وابن ماجة وأحمد بسند حسن عن علي قال: [قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالدَّين قبل الوصية. وأنتم تقرؤونها: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ}. وإن أعيان بني الأم ليتوارثون دون بني العَلَّات] (?).
وقوله: {آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا}. قال مجاهد: (في الدنيا).
وقال ابن زيد: (أيهم خيرٌ لكم في الدين والدنيا، الوالد أو الولدُ الذين يرثونكم، لم يدخل عليكم غيرهم، فرضَ لهم المواريث، لم يأت بآخرين يشركونهم في أموالكم).
قال القاسمي في التفسير: (أي: لا تعلمون من أنفع لكم ممن يرثكم من أصولكم وفروعكم في عاجلكم وآجلكم. والمعنى: فرض الله الفرائض، على ما هو، على حكمة. ولو وكل ذلك إليكم لم تعلموا أيهم أنفع لكم. فوضعتم أنتم الأموال على غير حكمة. والتفاوت في السهام بتفاوت المنافع. وأنتم لا تدرون تفاوتها. فتولى الله ذلك فضلًا منه. ولم يكلها إلى اجتهادكم لعجزكم عن معرفة المقادير).
وقوله: {فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ}. يعني ما ذكر من تفصيل المواريث هو فرض الله الذي حكم به وقضى بينكم. ونصب {فريضة} على المصدر المؤكد. إذ معنى {يوصيكم} يَفْرض عليكم. {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا}: أي: بكل شيء، من قسمة المواريث وغيرها, {حكيمًا} في قسمته وتقديره وشرعه. والخبر منه سبحانه بالماضي كالخبر