إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ} [البقرة: 180]. فهذه أيضًا ليست بمنسوخة، إنما الواجب على الموصي أن يترك شيئًا من الثلث لفقراء أرحامه وأقاربه الذين لا يرثون.

أخرج الإمام أحمد في المسند، بسند حسن، عن سلمان بن عامر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [الصدقة على المسكين صدقة، وهي على ذي الرحم اثنتان: صدقة وصلة] (?).

وقوله تعالى: {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا}.

فيه تفسيران: الأول - أن يخاف من يحضر الميت أن يأمره بتفريق ماله فيمن لا يرثه وحرمان مستحقه.

قال ابن عباس: (هذا في الرجل يَحْضُرُه الموت، فَيَسْمَعُهُ رجل يوصي بوصية تضرّ بورثته، فأمر الله تعالى الذي يَسْمَعُه أن يتقي الله، ويوفقه ويسدده للصواب، فينظر لورثته كما كان يحب أن يصنع بورثته إذا خشي عليهم الضَّيعة). وهو قول مجاهد واختيار شيخ المفسرين.

أخرج البخاري ومسلم من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: [كنت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع، فمرضت مرضًا أشفيت منه على الموت، فعادني رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقلت: يا رسول الله إن لي مالًا كثيرًا، وليس يرثني إلا ابنة لي، أفأوصي بثلثي مالي؟ قال: ". قلت: بشطر مالي؟ قال: لا. قلت: فثلث مالي؟ قال: الثلث، والثلث كثير. إنك يا سعد! أن تدع ورثتك أغنياء خير لك من أن تدعهم عالة يتكففون الناس] (?).

وأخرج الإمام أحمد والشيخان عن ابن عباس رضي الله عنه قال: [وددت أن الناس غضوا من الثلث إلى الربع في الوصية، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: الثلث كثير] (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015