وقوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا}. قال ابن جريج: (اصبروا على الطاعة، وصابروا أعداء الله، ورابطوا في سبيل الله). وقال ابن عباس: (المرابطة: انتظار الصلاة بعد الصلاة).
وأصل الرباط ارتباط الخيل للعدو، ثم استعمل في كل مقيم في ثغر. يدفع عمن وراءه بأس عدوهم، ولا شك أن انتظار الصلاة بعد الصلاة في الجماعة رباط.
وقد جاء الثناء العطر في السنة الصحيحة على الرباط وأهله، ومن ذلك:
الحديث الأول: أخرج البخاري في صحيحه عن سَهْل بن سعد الساعدي رضي الله عنهما، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: [رباطُ يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها] (?).
الحديث الثاني: أخرج الإمام مسلم عن سَلْمان، عن النبي عليه الصلاة والسلام، أنه قال: [رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه، وإن مات جرى عليه عمله الذي كان يعمله، وأُجْرِيَ عليه رزقُه، وأمِنَ الفَتَّان] (?).
الحديث الثالث: أخرج الإمام أحمد بسند حسن، عن أبي هريرة، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: [من مات مُرابطًا وُقِيَ فتنةَ القبر، وأمِنَ من الفزع الأكبر، وغُدِيَ عليه ورِيحَ برزقه من الجنة، وكُتِبَ له أجر المرابط إلى يوم القيامة] (?).
الحديث الرابع: أخرج الإمام أحمد بسند حسن عن أبي ريحانة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [حَرُمَت النار على عين دَمِعتْ -أو بكت- من خشية الله، وحَرُمَتِ النار على عين سهرت في سبيل الله] (?).
وله شاهد عند الترمذي من حديث ابن عباس بلفظ: [عينان لا تصيبهما النار: عينٌ بكت من خشية الله، وعين باتت تحرُسُ في سبيل الله].