ويحرض عليه كفار قريش، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - حين قدم المدينة وأهلها أخلاط منهم المسلمون، والمشركون يعبدون الأوثان، واليهود وكانوا يؤذون النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، فأمر الله عز وجل نبيّه - صلى الله عليه وسلم - بالصبر والعفو، ففيهم أنزل الله تعالى: {وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ ... } الآية.
فلما أبى كعب بن الأشرف أن ينزع عن أذى النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - سعد بن معاذ أن يبعث رهطًا يقتلونه، فبعث محمد بن مسلمة - وذكر قصة قتله - فلما قتلوه فزعت يهود والمشركون، فغدوا على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: طوق صاحبنا فقتل، فذكر لهم النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي كان يقول، ودعاهم النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى أن يكتب بينه وبينهم كتابًا ينتهون إلى ما فيه، فكتب النبي - صلى الله عليه وسلم - بينه وبينهم وبين المسلمين عامة صحيفة] (?).
قال الحافظ في الفتح: (وروى ابن أبي حاتم وابن المنذر بإسناد حسن أنها نزلت فيما بين: "أبي بكر وبين فنحاص اليهودي" في قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ} تعالى الله عن قوله - فغضب أبو بكر فنزلت، وذكره السيوطي في اللباب، وقال: إن سنده حسن. ولا تنافي بينهما، فيحتمل أنها نزلت في هذا وهذا).
وروى ابن أبي حاتم بسند صحيح على شرط الشيخين عن الزُّهري، أخبرني عروة بن الزبير: أن أسامة بن زيد أخبره قال: [كان النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه يعفون عن المشركين وأهل الكتاب، كما أمرهم الله، ويصبرون على الأذى، قال الله تعالى: {وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا}. قال: وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتأوَّلُ في العفو ما أمره الله به، حتى أذِنَ الله فيهم] (?).
وفي صحيح البخاري - كتاب التفسير - باب: {وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا} قال: حدثنا أبو اليمان: [خبرنا شُعيب عن الزّهري: أخبرني عروة بن الزبير: [أن أسامة بن زيد رضي الله عنهما أخبره: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ركِبَ على حِمار على قطيفة فَدَكِيّة، وأرْدَف أسامة بن زيد وراءَه يعودُ سَعْدَ بن عُبادة في بني الحارث بن الخزرج قبل وَقْعَةِ بدر، قال: حتى مَرَّ بمجلس فيه