البقاء وهي فانية، فلا تركنوا إليها وتسكنوا لها، فإنما أنتم عن قريب عنها راحلون مسافرون، والمستقر الدار الآخرة.
قال قتادة: (هي متاع متروك توشك أن تضمحل بأهلها، فينبغي للإنسان أن يأخذ من هذا المتاع بطاعة الله سبحانه ما استطاع).
وفي التنزيل: {بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (16) وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [الأعلى: 16 - 17]. وقال تعالى: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [القصص: 60].
وفي صحيح مسلم من حديث المستورد بن شداد، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [والله ما الدنيا في الآخرة إلا كما يَغْمِسُ أحدُكم أُصبعَهُ في اليمّ، فلينظر بم ترجع إليه] (?).
وفي جامع الترمذي بسند صحيح عن عبد الله بن مسعود قال: [اضطجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على حصير فأثّر في جنبه، فلما استيقظ جعلت أمسح جنبه، فقلت: يا رسول الله ألا آذنتنا حتى نبسط لك على الحصير شيئًا؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما لي وللدنيا؟ ! ما أنا والدنيا؟ ! إنّما مثلي ومثل الدنيا كراكب ظَلَّ تحت شجرة ثم راح وتركها] (?).
وله شاهد في المسند من حديث ابن عباس بلفظ: [ما لي وللدنيا؟ ما مثلي ومثل الدنيا إلا كراكب سار في يوم صائف، فاستظل تحت شجرة ساعة من نهار، ثم راح وتركها] (?).
وقوله: {لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ}. خطاب من الله لهذه الأمة - أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - المعنى: لتختبَرُن في أموالكم بالمصائب وبالإنفاق في سبيل الله وسائر تكاليف الشرع بذلك، ولتمتحنن في الأنفس بالموت والأمراض وفقد الأحباب.
قال القرطبي: (وبدأ بذكر الأموال لكثرة المصائب بها).
وفي التنزيل: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} [البقرة: 155].
قال ابن كثير: (أي: لا بد أن يُبتلى المؤمن في شيء من ماله أو نفسه أو ولده أو