أخرج أبو داود بسند حسن عن العُرْس بن عميرة الكندي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [إذا عُمِلت الخطيئة في الأرض، كان من شهدها فكَرِهها كمنْ غاب عنها, ومن غاب عنها فرضيها كان كمن شهدها] (?).

وقوله: {وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ}. يعني بذلك: عذاب نار السعير الملتهبة المحرقة.

وقوله: {ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ}. أي: ذلك العذاب بما سلف من الذنوب وحصل الرضى بها، {وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ}.

وقوله: {الَّذِينَ قَالوا إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ}، قال ابن عباس: (كان الرجل يتصدق، فإذا تُقُبِّلَ منه، أنزلت عليه نارٌ من السماء فأكلته).

فزعم اليهود أن الله تقدم إليهم في كتبه وعلى ألسن أنبيائه، أن لا يصدقوا رسولًا فيما يقول إنه جاء به من عند الله حتى يجيء بقربان - مما يتقرب به العبد إلى الله من صدقة - تأكله النار يبعثها الله من السماء دلالة على القبول.

فأكذبهم الله وقال لنبيه: {قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}.

يعني: قد جاءتكم الرسل فيما مضى بالحجج القاطعة أنهم من عند الله ثم مع ذلك قتلتموهم؟ ! فأين عهدكم المزعوم إن كنتم صادقين؟ !

قال ابن جرير: ({إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} في أن الله عهد إليكم أن تؤمنوا بمن أتاكم من رسله بقربان تأكله النار حجة له على نبوته).

وقوله: {فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ}. قال الضحاك: (يعزي نبيّه - صلى الله عليه وسلم -).

وقوله: {جَاءُوا بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ}. البينات: الدلالات. والزبر: الكتب المزبورة، يعني المكتوبة. والزُّبُر: جمع زَبور وهو الكتاب. والكتاب المنير: أي الواضح المضيء. والمقصود بالكتاب: التوراة والإنجيل. فإن اليهود كذبت عيسى وما جاء به، وحرّفت ما جاء به موسى عليه السلام من صفة محمد - صلى الله عليه وسلم -، وبدلت عهده

طور بواسطة نورين ميديا © 2015