مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (112)}.

في هذه الآيات: إخبار من الله تعالى عن كرامة هذه الأمة، وأنها أفضل الأمم إلى يوم القيامة، إذا قامت بمقتضى التوحيد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وأنّ أهل الكتاب لو آمنوا بما أَنزل الله على محمد - صلى الله عليه وسلم - مصدقًا لما معهم لكان خيرًا لهم، وقليل منهم المؤمنون. إنهم لن يضروكم إلا أذى تسمعونه منهم، وهم أجبن الناس عند القتال، فقد كتب الله عليهم الذلة والهزيمة، وأنزل عليهم غضبه لقاء كفرهم وتجرئهم على أنبيائه بالقتل، ونشرهم الفساد والبغي في الأرض.

فقوله: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ}. قال مجاهد. (كنتم خير الناس للناس على هذا الشرط: أن تأمروا بالمعروف، وتنهوا عن المنكر، وتؤمنوا بالله).

قال البخاري: حدثنا محمد بن يوسف، عن سفيان، عن مَيْسَرَة، عن أبي حازم، عن أبي هريرة رضي الله عنه: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} قال: (خَيْرَ الناس للناس، تأتون بهم في السلاسل في أعناقهم حتى يدخلوا في الإسلام).

ومفهوم كلام أبي هريرة أن إدخال الناس في الإسلام إنما هو رحمة لهم ونجاة من عذاب الله، فإنهم يقعون في الأسر أولًا بانتصار المسلمين، ثم يرون عظمة الإسلام ورحمته فيدخلون فيه، وكأنهم بهذه الصورة سيقوا إلى الجنة بالسلاسل.

وفي مسند أحمد وجامع الترمذي بسند حسن عن معاوية بن حَيْدَة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [أنتم تُوفُّون سبعين أمة، أنتم خيرها وأكرمها على الله عزَّ وجلَّ] (?).

وقد جاء في كثرة الداخلين الجنة من هذه الأمة أحاديث، يبدو منها أنهم يشكلون ثلثي أهل الجنة، وقسم كبير يدخلها بغير حساب ولا عذاب.

الحديث الأول: في الصحيحين والمسند عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: [عُرضت عليَّ الأمم، فرأيت النبي ومعه الرُّهَيط، والنبي ومعه الرُّهيط، والنبي ومعه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015