وفي لفظ: [قال الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي، فليظن بي ما شاء] (?).
الحديث الرابع: أخرج الحاكم بسند صحيح عن أنس مرفوعًا: [قال الله عزَّ وجلَّ: عبدي! أنا عند ظنك بي، وأنا معك إذا ذكرتني] (?).
الحديث الخامس: أخرج الترمذي بسند حسن عن أنس: [أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل على شاب وهو بالموت، فقال: كيف تجدك؟ قال: والله يا رسول الله إني أرجو الله، وإني أخاف ذنوبي، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا يجتمعان في قلب عبد في مثل هذا الموطن، إلا أعطاه الله ما يرجو، وأمنه مما يخاف] (?).
وقوله: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} - فيه أكثر من تأويل لمعنى "حبل الله":
التأويل الأول: عن الشعبي، عن عبد الله بن مسعود أنه قال في قوله: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا} قال: (الجماعة). وفي رواية: (قال: حَبْلُ الله، الجماعة).
التأويل الثاني: عن قتادة قال: (حبل الله المتين الذي أمر أن يُعْتصمَ به: هذا القرآن). وقال السدي: (أما "حبل الله"، فكتاب الله).
التأويل الثالث: عن عطاء: ({بِحَبْلِ اللَّهِ}، قال: العهد). وقال مجاهد: (بعهد الله). وقال قتادة: (بعهد الله وأمره).
التأويل الرابع: قال أبو العالية: (يقول: اعتصموا بالإخلاص لله وحده).
التأويل الخامس: قال ابن زيد: (الحبل: الإسلام).
قلت: وهذه التفاسير متقاربة يعضد بعضها بعضًا، فإن حبل الله هو القرآن والمنهج الذي ارتضاه لنبيّه - صلى الله عليه وسلم - في فهمه، ولا يستقيم الاعتصام بذلك إلا بالجماعة، وهو مفهوم سيرته - صلى الله عليه وسلم - ورحلة البناء التي مضى عليها طيلة حياته، حتى أفرز للأمة جماعة الحق ودولة الإسلام.