وقوله: {وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} أي يمتنع ويتمسّك بدينة وطاعته.

قال ابن جريج: ({يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ}: يؤمن به). وقيل: المعنى يتمسك بحبل الله، وهو القرآن.

أخرج ابن أبي شيبة بسند صحيح على شرط مسلم، عن أبي شريح الخزاعي قال: [خرج علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: أبشروا أبشروا، أليس تشهدون أن لا إله إلا الله وأني رسول الله؟ قالوا: نعم، قال: فإن هذا القرآن سببٌ طرفُه بيد الله، وطرفه بأيديكم، فتمسكوا به، فإنكم لن تضلوا ولن تهلكوا بعده أبدًا] (?).

وقوله: {فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}. قال ابن كثير: (أي: ومع هذا فالاعتصام بالله والتوكل عليه هو العمدة في الهداية، والعدة في مباعدة الغواية، والوسيلة إلى الرشاد، وطريق السداد، وحصول المراد).

102 - 103. قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (102) وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (103)}.

في هذه الآيات: أمْرُ الله المؤمنين التزام التقوى بصدق والموت على الإسلام، والاعتصام بالجماعة والقرآن، ونبذ التفرقة والطغيان، وتذكر نعمة الله في صقل القلوب على المحبة وترك العدوان، فإن النجاة من عذاب الله بالهداية والإيمان.

أخرج الترمذي بسند صحيح عن ابن عباس، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قرأ هذه الآية: {اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لو أن قطرة من الزقوم قطرت في دار الدنيا لأفسدت على أهل الأرض معايشهم، فكيف بمن يكون طعامه] (?).

وأخرج الحاكم والطبري بسند صحيح موقوف عن مُرّة، عن عبد الله بن مسعود:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015