وفي أسباب النزول لهذه الآية أحاديث صحيحة:

الحديث الأول: أخرج البخاري في صحيحه عن شفيقٍ، عن عبد الله رضي الله عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [مَنْ حَلَفَ على يمين يَقْتَطِعُ بها مال امرئٍ مُسلمٍ هو عليها فاجر، لقِيَ الله وهو عليه غَضْبَانُ، فأنزل الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} [آل عمران: 77]، فجاء الأشعثُ فقال: ما حَدَّثكم أبو عبد الرحمن؟ فِيَّ أُنْزِلتْ هذه الآية، كانت لي بِئْرٌ في أرض ابنِ عَمٍّ لي، فقال لي: شهودَك. قلتُ: ما لي شهودٌ، قال: فَيَمينَهُ، قلت: يا رسول الله إذن يَحْلِفَ، فذكرَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - هذا الحديثَ، فأنزل الله ذلك تصديقًا له] (?).

ورواه أحمد وفيه: (فقال الأشعث: فيَّ والله كان ذلك، كان بيني وبين رجل من اليهود أرض فجحدني أرضي، فقدمته إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ألك بينة؟ قلت: لا. فقال لليهودي: احلف. فقلت: يا رسول الله إذن يحلف فيذهب مالي. فأنزل الله عزَّ وجلَّ: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} ... الآية).

الحديث الثاني: أخرج البخاري في صحيحه عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله تعالى عنهما: [أن رجلًا أقام سِلْعَةً في السوق، فحلف فيها لقد أُعْطِيَ بها -ما لم يُعْطَهُ- لِيُوقِعَ فيها رجلًا من المسلمين، فنزلت: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} إلى آخر الآية] (?).

قلت: ولا مانع من نزول الآية في السببين السابقين معًا. وقد جاءت أحاديث أخرى في بيانها:

الحديث الثالث: أخرج الإمام أحمد والنسائي بسند صحيح عن رجاء بن حَيْوَة والعُرُس بن عَمِيرة، عن أبيه عَدِيّ -هو ابن عميرة الكندي- قال: [خاصم رجل من كندة يقال له- امرؤ القيس بن عابس، رجلًا من حَضْرَمَوْت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أرض، فقضى على الحضرمي بالبينة، فلم يكن له بينة، فقضى على امرئ القيس

طور بواسطة نورين ميديا © 2015