وقوله: {وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا}.
قال ابن عباس: (يعني: من احتيج إليه من المسلمين شهد على شهادة إن كانت عنده، ولا يحل له أن يأبى إدا ما دُعي).
وفي صحيح مسلم عن زيد بن خالد: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: [ألا أخبركم بخير الشهداء؟ الذي يأتي بشهادته قبل أن يسألها] (?).
وأما ما أخرج البخاري عن عبد الله رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [خير الناس قرني ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يجيء أقوامٌ تسبقُ شهادة أحدهِم يمينَهُ ويمينُه شهادته] (?).
وكذلك روى نحوه عن عمران بن حصين, ثم ذكر عمران: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: [إن بعدَكم قومًا يخونون ولا يُؤْتَمَنون ويشهدون ولا يستشهدون ويَنْذِرون ولا يَفُون، ويظهرُ فيهم السِّمن].
فالمقصود قوم لهم مصلحة بشهادة ما، فالحديث في موضع ذمٍّ لهم ولأمثالهم لا في موضع مدح، وقيل هؤلاء شهود الزور، ولذلك قال إبراهيم - عقب حديث عبد الله -: (وكانوا يضربوننا على الشهادة والعهد).
وقوله: {وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ}.
إرشاد إلى دقة الكتابة وعدم التهاون بتفاصيلها، أي: ولا تملّوا أن تكتبوا الحق بكل ما فيه من صغيرة وكبيرة. يقال: سئمت، أي: مللت. وقوله: {إِلَى أَجَلِهِ}، إلى أجل الحق.
وقوله: {ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا}.
أي: هذا الذي أمرتم به من الكتابة والدقة أعدل عند الله وأثبت لأمر الشهادة، فإن الشاهد إذا رآه تذكر خطه فربما يكون قد نسيه.