أمور: التوحيد، والحدود والفرائض والوعد والوعيد، فكذلك أبين لكم في سائر كتابي.
وقوله: {لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (219) فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ}.
قال ابن عباس: (يعني في زوال الدنيا وفنائها، وإقبال الآخرة وبقائها). وقال قتادة: (لعلكم تتفكرون في الدنيا والآخرة، فتعرفون فضل الآخرة على الدنيا). قال: (فكونوا ممن يَصْرم حاجة الدنيا لحاجة الآخرة).
وقال ابن جريج: (أما الدنيا، فتعلمون أنها دار بلاء ثم فناء، والآخرة دارُ جزاء ثم بقاء، فتتفكرون فتعملون للباقية منهما).
وقوله: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ}.
أخرج أبو داود بسند حسن عن ابن عباس قال: [لما أنزل الله عز وجل: {وَلَا تَقْرَبُوا مَال الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [الأنعام: 152]، و {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَال الْيَتَامَى ظُلْمًا} [النساء: 10]، الآية- انطلق من كان عنده يتيم، فعزل طعامه من طعامه، وشرابه من شرابه، فجعل يفضُلُ من طعامه فَيُحْبَسُ له، حتى يأكله، أو يفسد. فاشتد ذلك عليهم، فذكروا ذلك لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فأنزل الله عز وجل: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ} فخلطوا طعامهم بطعامه، وشرابهم بشرابه] (?).
قال السدي: (كانت العرب يشددون في اليتيم حتى لا يأكلوا معه في قصعة واحدة، ولا يركبوا له بعيرًا، ولا يستخدموا له خادمًا، فجاؤوا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فسألوا عنه، فقال: {قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ}، يصلح له ماله وأمره له خير، وإن يخالطه فيأكل معه ويطعمه ويركب راحلته ويحمله ويستخدم خادمه ويخدمه، فهو أجودُ {وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ}. أي: من يقصد الإفساد من الإصلاح.
قال ابن زيد: (الله يعلم حين تخلط مالك بماله: أتريد أن تصلح ماله، أو تفسده فتأكله بغير حق).