4 - قال ابن زيد: ({كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً}: حين أخرجهم من ظهر آدم، لم يكونوا أمة واحدة قطُ غيرَ ذلك اليوم، {فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ}، قال: هذا حين تفرقت الأمم).
5 - قال ابن عباس: ({كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً}، يقول: كان دينًا واحدًا، فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين).
ورجح ابن كثير القول الأول عن ابن عباس فهو أصح سندًا ومعنى، وقال: (لأن الناس كانوا على ملة آدم - عليه السلام- حتى عبدوا الأصنام، فبعث الله إليهم نوحًا عليه السَّلام، فكان أول رسول بعثه الله إلى أهل الأرض).
قلت: والآية عامة في الأمم، كلما تفرقوا واختلفوا وابتعدوا عن منهاج الرسل بعث الله لهم رسولًا يفرق كلمة الكفر ومنهج الشهوات الذي وحدهم واجتمعوا عليه.
وقوله: {وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ}.
قال الطبري: (الألف واللام في الكتاب للعهد، والمراد التوارة). وقال القرطبي: ({وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ}: اسم جنس بمعنى الكتب). قال: (قيل: ليحكم كل نبيّ بكتابه، وإذا حكم بالكتاب فكأنما حكم الكتابُ).
وقوله: {وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ}.
قال الربيع: (يقول: إلا الذين أوتوا الكتاب والعلم). وقوله: {مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ}. قال الربيع: (يقول: بغيًا على الدنيا، وطلبَ ملكها وزخرفها وزينتها، أيُّهم يكون له الماك والمهابة في الناس، فبغى بعضهم على بعض، وضرب بعضُهم رقاب بعض).
وقوله: {فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ}.
أخرج عبد الرزاق في "التفسير"، والإمام أحمد في المسند بسند صحيح، عن أبي هريرة رضي الله عنه، في قوله: {فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ} ... الآية قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: [نحن الآخرون الأولون يوم القيامة، نحن أول الناس دخولًا الجنة، بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا وأوتيناه من بعدهم، فهدانا الله لما