وقوله: {فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ}.
يعني: جنحتم عن الطريق، وخرجتم عنه، وعدلتم عن الحق من بعد ما قامت عليكم الحجج والآيات. قال ابن عباس: (الزلل: الشرك). وقال السدي: (فإن ضللتم). وقال ابن جريج: (البينات: الإسلام والقرآن). وقال السدي: (محمد - صلى الله عليه وسلم -).
وقوله: {فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}.
أي: عزيز في انتقامه ممن عانده، وحكيم في أحكامه وشرائعه. قال الربيع: (عزيزٌ في نققه، حكيم في أمره).
وقال محمد بن إسحاق: (العزيز في نصره ممن كفر به إذا شاء، الحكيم في عذره وحجته إلى عباده).
210. قوله تعالى: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (210)}.
في هذه الآية: تهديد من الله سبحانه وتوعد بالكافرين بنبيّه محمد - صلى الله عليه وسلم - وما جاء به. وقوله: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ}، يعني: يوم القيامة، يوم يجيء الله سبحانه لفصل القضاء ومجازاة الأعمال.
وفي المنزيل: {كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا (21) وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (22) وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى} [الفجر: 21 - 23].
قال أبو العالية: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ}، يقول: والملائكة يجيئون في ظلَل من الغمام، والله تعالى يجيء فيما شاء).
وفي التنزيل: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ} [الأنعام: 158]. وقال تعالى: {وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ تَنْزِيلًا} [الفرقان: 25].
وقوله: {وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ}.
في فصل القضاء وأخذ كل ذي حق حقه.