وقوله: {سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا}.
قال ابن جريج: (قطع الرحم، وسفك الدماء دماء المسلمين. فإذا قيل: لم تفعل كذا وكذا! قال: أتقرب به إلى الله عز وجل).
قلت: ولا شك أن الآية عامة تشمل كل أنواع الإفساد الذي يكون من المنافق فاسد السريرة.
وقوله: {وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ}.
الحرث: الزرع. والنسل: العقب والولد.
قال ابن عباس: (الحرث حرثكم، والنسل نسل كل دابة). وقال: (نسل كل دابة والناس أيضًا). وقال مجاهد: (نبات الأرض، والنسل من كل دابة تمشي من الحيوان، من الناس والدواب). وقال مجاهد أيضًا: (إذا سعى في الأرض إفسادًا، منع الله القَطْرَ، فهلك الحرث والنسل).
وقوله: {وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ}.
قال ابن جرير: (والله لا يحب المعاصي، وقطع السبيل، وإخافة الطريق).
وقوله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ}.
يعني: إذا ذُكِّر بالله وهو يشتد في فساده وإفساده، ليمتنع عن المتابعة ويكفّ، أخذته الحمية والغضب بالإثم. فإن جهنم تكفيه عقوبة الكبر والعناد والإفساد.
وقوله: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ}.
مدح للمؤمنين الذين يبذلون الدنيا ومالها ومتاعها من أجل علو المقام عند الله وربح الآخرة.
أخرج الحاكم في المستدرك، بسند صحيح على شرط مسلم، عن عكرمة قال: [لما خرج صهيب مهاجرًا تبعه أهل مكة، فنثل كنانته فأخرج منها أربعين سهمًا، فقالي: لا تصلون إليَّ حتى أضع في كل رجل منكم سهمًا، ثم أصير بعده إلى السيف فتعلمون أني رجل، وقد خلفت بمكة قينتين فهما لكم، ونزلت على النبي - صلى الله عليه وسلم -: {وَمِنَ النَّاسِ