فمن أدرك عرفة قبل أن يطلع الفجر فقد أدرك ... ].
وهذا مذهب مالك، وأبي حنيفة، والشافعي رحمهم الله، وذهب الإمام أحمد إلى أن وقت الوقوف من أول يوم عرفة. ولا شك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقف في حجة الوداع بعد أن صلى الظهر إلى أن غربت الشمس، وقال: [لتأخذوا عني مناسككم].
أخرج الإمام أحمد وأصحاب السنن والدارمي بسند صحيح من حديث عُرْوة بن مُضَرّس الطائي قال: [يا رسول الله! إني جئت من جَبَلي طيِّئٍ، أكْلَلْتُ راحِلتي، وأتعبتُ نفسي، والله ما تركْتُ من جَبَل إلا وقَفْتُ عليه، فهل لي من حَجٍّ؟ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من شَهِدَ صلاتنا هذه، ووقف معنا حتى ندفع، وقد وقف بعرفة قبل ذلك ليلًا أو نهارًا، فقد أتمَّ حَجَّهُ، وقضى تفثَه] (?).
وأخرج ابن أبي حاتم بسند حسن عن عكرمة، عن ابن عباس قال: [كان أهل الجاهلية يقفون بعرفة حتى إذا كانت الشمس على رؤوسِ الجبال كأنها العمائم على رؤوس الرجال، دفعوا، فأخّر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الدفعة من عَرَفةَ حتى غربت الشمس] (?).
وأخرج الطبراني في الكبير، والحاكم في المستدرك، ورجاله رجال الصحيح، عن المسور بن مَخْرَمة قال: [خطبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو بعرفات، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد -وكان إذا خطب خطبة قال: أما بعد- فإن هذا اليوم الحجّ الأكبر، ألا وإن أهل الشرك والأوثان كانوا يدفعون في هذا اليوم قبل أن تغيب الشمس، إذا كانت الشمس في رؤوس الجبال كأنها عمائم الرجال في وجوهها، وإنا ندفع بعد أن تغيب الشمس، وكانوا يدفعون من المشعر الحرام بعد أن تطلع الشمس، إذا كانت الشمس في رؤوس الجبال، كأنها عمائم الرجال في وجوهها، وإنا ندفع قبل أن تطلع الشمس مخالفًا هَدْيُنَا هَدْي أهل الشرك] (?).
وقوله: {فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ}.
المشعر: هو ما بين جبلي المزدلفة. قال ابن عمر: (المشعر الحرام المزدلفة كلها).