أخرج الترمذي بسند صحيح عن جابر قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: [أُمِرْت أَنْ أقاتِلَ الناسَ حتى يقولوا: لا إله إلا اللَّه، فإذا قالوها عَصَموا مني دِماءَهم وأموالهم إلا بِحَقِّها وحسابُهم على اللَّه. ثم قرأ: {فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ (21) لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ}] (?).

قال القرطبي: (وقرأ هارون الأعور "بِمُسَيْطَرٍ" بفتح الطاء، و"المسيطرون". وهي لغة تميم). وأصل ذلك في لغة العرب من السَّطر وهو الصَّف من الشيء، وهو الخَطُّ والكتابة أيضًا. قال الرازي: (والمُسَيطر والمُصَيْطر: المُسَلَّطُ على الشيء لِيُشرِفَ عليه ويتعهّد أحواله ويكتبَ عمله، قال اللَّه تعالى: {لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ}).

وقوله تعالى: {إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ (23) فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الْأَكْبَرَ}. الاستثناء منقطع. والتقدير: لكن من تولى عن الوعظ ونَفر، وأعرض عن الإيمان وكفر، فإن للَّه الولاية والقهر، فهو تعالى يعذبه في نار جهنم العذاب الأكبر.

أخرج الإمام البخاري في صحيحه عن أبي هريرة: [أنَّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: كُلُّ أمَّتي يدخُلون الجنة إلا مَنْ أبى. قالوا: يا رسول اللَّه، ومَنْ يأبى؟ قال: مَنْ أطاعني دَخَلَ الجنَّة، ومَنْ عَصَاني فَقَدْ أبى] (?).

وأخرج الإمام أحمد في المسند بإسناد حسن عن علي بن خالد، أنّ أبا أمامة الباهليَّ مَرَّ على خالد بن يزيد بن معاوية، فسأله عن ألين كَلمة سَمِعها من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: [ألا كُلُّكُم يدخل الجنةَ، إلا مَنْ شَرَد على اللَّه شِرَادَ البعير على أهله] (?).

وقوله تعالى: {إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ (25) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ}. قال قتادة: (يقول: إنّ إلى اللَّه الإياب، وعليه الحساب).

والتقدير: إلينا مرجعهم ومنقلبهم بعد موتهم، ثم علينا محاسبتهم ومجازاتهم على أعمالهم يوم بعثهم ومعادهم، إن خيرًا فخير، وإن شرًّا فشرّ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015