وقوله: {يُبَصَّرُونَهُمْ} فيه أكثر من تأويل:
التأويل الأول: المقصود الأقرباء يعرف بعضهم بعضًا، ثم ينشغل كل بنفسه عن غيره.
قال ابن عباس: ({يُبَصَّرُونَهُمْ}: يعرف بعضهم بعضًا، ويتعارفون بينهم، ثم يفر بعضهم من بعض، يقول: {لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ} [عبس: 37]).
وقال قتادة: ({يُبَصَّرُونَهُمْ} يعرفونهم يعلمون، واللَّه ليعرِفَنَّ قوم قومًا، وأناس أناسًا).
التأويل الثاني: المؤمنون يبصرون الكفار. قال مجاهد: ({يُبَصَّرُونَهُمْ} المؤمنون يبصرون الكافرين).
التأويل الثالث: الكفار الأتباع يعرفون المتبوعين الرؤساء في النار.
قال ابن زيد: ({يُبَصَّرُونَهُمْ}: يبصرون الذين أضلوهم في الدنيا في النار).
والتأويل الأولى هو الأنسب للسياق، وهو اختيار ابن جرير. قال: (معنى ذلك: ولا يسأل حميم حميمًا عن شأنه، ولكنهم يبصرونهم فيعرفونهم، ثم يفر بعضهم من بعض). وبنحوه ذكر الحافظ ابن كثير حيث قال: (أي: لا يسأل القريبُ عن حاله، وهو يراه في أسوأ الأحوال، فتشغلُه نفسُه عن غيره).
وقوله تعالى: {يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ (11) وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ (12) وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ (13) وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ يُنْجِيهِ}.
أي: يتمنى الكافر لو يفتدي يومئذ من عذاب جهنم بأعز من كان عليه في الدنيا: الولد والزوجة والأخ والعشيرة، بل وكل أهل الأرض ليحظى بالنجاة ولكن هيهات! !
وعن قتادة: ({يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ (11) وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ (12) وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ}. الأحبّ فالأحبّ، والأقرب فالأقرب من أهله وعشيرته لشدائد ذلك اليوم).
وعن مجاهد: ({وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ} قال: قبيلته). وقال ابن زيد: ({وَصَاحِبَتِهِ} قال: الصاحبة الزوجة {وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ} قال: فصيلته: عشيرته).
وقوله تعالى: {كَلَّا إِنَّهَا لَظَى}. أي: لا سبيل له إلى ذلك، فإنه لا يُقبل منه فِداءٌ ولو جاء بأهل الأرض وبأعزّ ما يجده من المال ولو بملء الأرض ذهبًا لو استطاع إلى