بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ}] (?).

وقوله: {وَأُمْلِي لَهُمْ}. أي أمهلهم وأؤخرهم وأُنْظِرهم وأطيل لهم المدة. والمُلاوة: المُدة من الدهر. والمقصود: إحقاق المكر والكيد بهم.

وفي الصحيحين وسنن الترمذي وابن ماجة عن أبي موسى رضي اللَّه تعالى عنه قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: [إنَّ اللَّه ليُملي للظالم حتى إذا أخذَهُ لم يُفْلِتْهُ. قال: ثم قرأ: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ}] (?).

وقوله: {إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ}. قال النسفي: (قوي شديد، فسمّى إحسانه وتمكينه كيدًا كما سمّاه استدراجًا لكونه في صورة الكيد حيث كان سببًا للهلاك. والأصل أن معنى الكيد والمكر والاستدراج هو الأخذ من جهة الأمن، ولا يجوز أن يسمى اللَّه كائدًا وماكرًا ومستدرجًا).

وقوله تعالى: {أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ}. استفهام بمعنى النفي. أي: أم تسألهم -يا محمد- غرامة على تبليغ الرسالة، فهم من غرامة ذلك {مُثْقَلُونَ}. أي: فهو يثقل عليهم لما فيه من بذل المال والكلفة.

وقوله تعالى: {أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ}. قال ابن عباس: (الغيب هنا اللوح المحفوظ). قال ابن جرير: (يقول: أعندهم اللوح المحفوظ الذي فيه نبأ ما هو كائن، فهم يكتبون منه ما فيه، ويجادلونك به، ويزعمون أنهم على كفرهم بربهم أفضل منزلة عند اللَّه من أهل الإيمان به). وقيل: {يَكْتُبُونَ}: أي يحكمون لأنفسهم بما يريدون ويرغبون.

48 - 52. قوله تعالى: {فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ (48) لَوْلَا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ (49) فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015