السماء إن عصيتموه). وقيل: تقديره أأمنتم من في السماء قدرته وسلطانه وعرشُه ومملكتُه. قال القرطبي: (وخَصَّ السماءَ وإن عَمَّ مُلكُهُ تنبيهًا على أن الإله الذي تنفذ قدرته في السماء لا من يعظّمونه في الأرض). وقال ابن جرير -شيخ المفسرين-: ({أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} وهو اللَّه).
قلت: والآية دليل ساطع من أدلة العلو وأن اللَّه تعالى في السماء -أي: على السماء- فإن {فِي} -في هذه الآية كما ذكر البيهقي والذهبي وأئمة السلف- تعني "على".
وفي التنزيل نحو ذلك:
1 - قال تعالى: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} [فاطر: 10].
2 - وقال تعالى: {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ} [السجدة: 5].
3 - وقال تعالى: {تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَى (4) الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 4 - 5].
ومن كنوز صحيح السنة في آفاق ذلك أحاديث، منها:
الحديث الأول: أخرج مسلم عن جابر: [-أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال في خطبته يوم عرفة-: ألا هل بلغت؟ قالوا: نعم. فجعل يرفع أصبعه إلى السماء وينكتها إليهم ويقول: اللهم اشهد). وفي رواية: [فقال بإصبعه السبابة يرفعها إلى السماء وينكُتُها إلى الناس، اللهم اشهد، اللهم اشهد، ثلاث مرات] (?).
الحديث الثاني: أخرج أبو داود والترمذي بسند صحيح عن عبد اللَّه بن عمرو مرفوعًا: [الراحمون يرحمهم الرحمن تبارك وتعالى، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء] (?).
الحديث الثالث: أخرج مسلم في صحيحه عن أبي سعيد قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: [ألا تأمنوني وأنا أمين مَنْ في السماء؟ يأتيني خبر السماء صباحًا ومساءً] (?).